قصیده ذکر فتح خیبر از ابن ابی الحدید

قصیده ذکر فتح خیبر از ابن ابی الحدید

1. أَلا إنّ نجدَ المَجدِ أبيضُ مَلحوبُ
ولكنَّهُ جَمُّ المهالِكِ مَرهوبُ

2. هُوَ العَسَلُ الماذيُّ يَشتارهُ امروءٌ
بغاهُ و أطرافُ الرِّماحِ يَعاسِيبُ

3. ذُقِ المَوتَ إن شِئتَ العُلى واطعَمِ الرَّدى
فَنَيلُ الامانِيّ بالمَنِيَّةِ مَكسُوبُ

4. خُضِ الحَتفَ تَأمَن خِطَّةَ الخَسفِ إنَّما
يَبوخُ ضُرامُ الخَطبِ والخَطبُ مَشبُوبُ

5. ألَم تخبِر الأخبارَ في فَتحِ خَيبَرٍ
فَفيها لِذِي اللُّبِّ المُلِبِّ أَعاجيبُ

6. وَفَوزُ عليٍّ بالعُلى فَوزُها بهِ
فكلٌّ إلى كلٍّ مُضافٌ ومَنسوبُ

7. حُصونٌ حَصان الفَرجِ حَيثُ تَبَرَّجَتُ
وما كلٌّ مُمتَطِّ الجَزارَة مَركوبُ

8. يُناطُ عليها للنُّجومِ قَلائدٌ
و يَسفلُ عَنها للغَمائِمِ أَهاضيبُ

9. وتَنهَلُّ للجرباء فيها ولم تَصِب
رذاذاً على شمّ الجبالِ أَساكيبُ

10. وكَم كَسَّرَت جَيشاً لِكسرى وقصّرت
يَدَي قيصرٍ تلكَ القِنانُ الشَّناخيب

11. وكَم مِن عَميدٍ باتَ وهُوَ عَميدُها
ومِن حَرِب أضحى بِها وهُوَ محروبُ

12. وأرعن موَّارٍ أَلَمَّ بمَورِها
فلَم يغنِ فيها جَرُّ مجرٍ وتكتيبُ

13. ولا حَامَ خوفاً للعدى ذلكَ الحِمى
ولالابَ شَوقاً لِلرِّدى ذلكَ اللّوبُ

14. فَللخَطبِ عنها والصّروفُ صَوارفٌ
كما كان عنها للنَّواكِبِ تنكيبُ

15. تَقاصرُ عنها الحادِثاتُ فَللرّدى
طَرائِقُ إلَّا نَحوها واساليبُ

16. فلمّا أرادَ اللهُ فَضَّ خِتامِها
وَ كُلُّ عزيزٍ غَالَبَ اللهَ مَغلوبُ

17. رَماها بِجَيش يَملأ الأرضَ فَوقَه
رِواقٌ مِنَ النَّصرِ الآلهيّ مَضروبُ

18. يُسَدّدهُ هديٌ مِنَ الله واضِحٌ
ويُرشِدُهُ نورٌ مِنَ الله مَحجوبُ

19. مَغاني الرَّدى فيهِ فأصيدُ أشوسٌ
وأجردُ ذَيَّالٌ ومقَّاءُ سُرحوبُ

20. وقَضاءُ زُعف كالحبابِ قَتيرُها
وأسمرُ عسَّالٌ وأبيضُ مَخشوبُ

21. نَهارُ سُيوفٍ في دُجى ليل عثيرٍ
فأبيضُ وضَّاحٌ وأسودُ غِربيبُ

22. عليٌّ أميرُ المؤمنينَ زعيمهُ
وقَائدهُ نَسرُ المفازةِ والذِّيبُ

23. فَصَبَّ عليها مِنهُ سَوطَ بَليّةٍ
على كُلِّ مَصبوبِ الإساءة مَصبوبُ

24. فَغادَرَها بعد الأنيسِ وللصَّدى
بأرجائها ترجيعُ لحنٍ وتَطريبُ

25. يَنوحُ عَليها نوحَ هارونَ يُوشعٌ
ويَذري عليها دَمعَ يُوسفَ يعقوبُ

26. بِها مِن زماجيرِ الرّجالِ صواعقٌ
ومِن صوبِ آذيِّ الدِّماء شآبيبُ

27. فَكَم خَرَّ مِنها لِلبوارِقِ مُبرقٌ
وكَم ذلّ فيها للقنا السَّلبِ مسلوبُ

28. وكَم أصحَبَ الصَّعبُ الحَرونُ بأَرضها
وكَم باتَ فِيها صاحبٌ وهُوَ مصحوبُ

29. وكَم عاصبٍ بالعصبِ هامَتهُ ضُحىً
ولَم يُمسِ إِلّا وهو بالعصبِ مَعصوبُ

30. لَقَد كانَ فِيها عِبرةٌ لمُجَرّب
وإِن شابَ ضرّاً بالمنافِعِ تجريب

31. وما أَنسَ لا أَنسَ اللَّذَينِ تقدّما
وفَرَّهُما والفَرُّ قد عَلِما حُوبُ

32. ولِلرايةِ العُظمى وقَد ذَهبا بِها
ملابسُ ذُلّ فَوقَها وجَلابيبُ

33. يَشلُّهما مِن آلِ مُوسى شَمَردَلٌ
طويلُ نِجادِ السَّيفِ أجيدُ يَعبوبُ

34. يَمجّ مَنوناً سَيفُه وسِنانُهُ
ويَلهَبُ ناراً غِمدُهُ والانابِيبُ

35. أحُضرُهُما ام حُضرُ أخرَجَ خاضبٍ
وذانِ هُما أم ناعِمُ الخدِّ مَخضُوبُ

36. عَذَرتُكُما إنّ الحِمامَ لمُبغَضٌ
وإنّ بقآءَ النَّفسِ للنَّفسِ محبُوبُ

37. لَيَكرَهُ طَعمُ الموتِ والموتُ طالبٌ
فَكَيفَ يَلَذُّ الموتُ والموتُ مطلوبُ

38. دَعا قَصبَ العَليَاء يَملِكُها امرؤٌ
بغيرِ أفاعِيلِ الدّناءةِ مقضُوبُ

39. يَرى أنّ طُولَ الحَربِ والبُؤس راحَةٌ
وأَنّ دوامَ السِّلم والخَفضِ تَعذيبُ

40. فللّهِ عَيناً مَن رآهُ مُبارِزاً
وللحَربِ كأسٌ بالمَنِيَّةِ مَقطوبُ

41. جوادٌ علا ظَهرَ الجِوادِ وأخشَبٌ
تَزَلزَلَ مِنهُ في النزالِ الأخاشِيبُ

42. وأَبيَضُ مَشطُوبُ الفرند مُقَلَّدٌ
به أَبيَضٌ ماضي العَزيمةِ مَشطُوبُ

43. أجدّكَ هَل تَحيا بمَوتِك إنَّني 
أرى الموتَ خَطباً وهو عندك مَخطوبُ

44. دِماءُ أعاديكَ المدامُ وغَابةُ الرِّ
ماحِ ظِلالٌ والنِّصالُ أكاويبُ

45. تَجَلّى لكَ الجبَّارُ في مَلَكُوتِهِ
ولِلحَتفِ تصعيدٌ اليكَ وتصويبُ

46. وللشَّمسِ عَينٌ عَن عُلاكَ كليلةٌ
وللدّهرِ قَلبٌ خافِقٌ منكَ مرعوبُ

47. فَعايَنَ ما لولا العَيَانُ وَعَلمُه
لما ارتاب شكّاً أنّهُ فيكَ مَكذوبُ

48. وشاهَدَ مَرأى جَلَّ عَن أن يَحدّهُ
مِنَ القَومِ نظمٌ في الصَّحائفِ مَكتوبُ

49. وأصلَتَ فِيها مرحبُ القوم مِقضباً
جرازاً بِهِ حبلُ الأمانيِّ مقضوبُ

50. وقَد غَصَّتِ الأَرضُ الفضاءُ بخيله
وضُرِّجَ مِنها بالدِّماء الظَّنابيبُ

51. يَعاقيبُ رَكضٍ في الرُّبودِ سَوابحٌ
يُماثِلُها لولا الوكُونُ اليعاقيبُ

52. فأشربهُ كأس المنيَّةِ أحوَسٌ
مِنَ الدّمّ طِعّيمٌ وللدّم شرّيبُ

53. إذا رامَهُ المقدارُ أو رامَ عكسَهُ
فلِلقُربِ تَبعيدٌ ولِلبُعدِ تقريبُ

54. فَلَم أَرَ دَهراً يَقتَلُ الدَّهرَ قَبلَها
ولا حَتفَ عَضبٍ وهُوَ بالحَتفِ مَعضُوبُ

55. حنانيكَ فَازَ العُربُ مِنكَ بسؤدَدٍ
تقاصَرَ عنهُ الفُرسُ والرُّومُ والنوبُ

56. فما ماسَ مُوسى في رداءٍ مِنَ العُلى
ولا آبَ ذكراً بَعدَ ذِكرِكَ أَيُّوبُ

57. أرى لكَ مَجداً ليسَ يُجلَب حَمدُهُ
بَمَدحٍ وكلّ الحَمدِ بالمَدحِ مجلوبُ

58. وفَضلاً جليلاً إن وَنى فَضلُ فاضِلٍ
تعاقبَ إدلاجٌ عليه وتأويبُ

59. لِذاتِكَ تَقديسٌ لِرَمسِكَ طُهرَةٌ
لِوَجهِكَ تَعظيمٌ لِمَجدِكَ تَرجيبُ

60. تَقَيَّلتَ أفعالَ الرّبوبيَّةِ التي
عذرتُ بها من شكّ أنَّكَ مَربوبُ

61. وقَد قِيلَ في عيسى نَظيركَ مثلَه
فخسرٌ لِمَن عادى عُلاكَ وتَتبيبُ

62. عَلَيكَ سلامُ الله يا خَيرَ مَن مَشى
به بازلٌ عبرُ المهامهِ خُرعُوبُ

63. ويا خَيرَ مَن يُغشى لِدَفعِ ملِمَّةٍ
فَيَأمَنَ مَرعوبٌ ويُترَفَ قَرضُوبٌ

64. ويا ثاوياً حَصباءُ مَثواهُ جَوهرٌ
وعيدانُه عُودٌ وتُربَتُه طيبُ

65. تكُوسُ به غرُّ الملائكِ رفعَةً
ويَكبرُ قدراً أن تكوسَ به النيبُ

66. يَحِلُّ ثَراهُ أن يضرّجه الدّمُ اامـُ
راقُ وتَغشاهُ الشوى والعراقيبُ

67. ويا عِلَّة الدُّنيا ومَن بدو خَلقها
له وسيتلو البدو في الحشر تعقيب

68. ويا ذا المَعالي الغُرّ والبَعضُ مُحسَب
دَليلٌ على كلٍّ فما الكُلُّ محسُوبُ

69. ظَنَنتُ مديحي في سِواكَ هِجاءه
وخِلتُ مديحي انه فيكَ تشبيبُ

70. وقال لهُ الرّحمنُ ما قالَ يوسُفٌ
عَداكَ بما قدّمتَ لومٌ و تثريبُ


پی نوشت ها

1. النَّجد، الطريق المرتفع، وقد يتّسع فيه فيسمّى نجداً وإن لم يكن مرتفعاً. و المَجد الكَرَم والماجد الكريم. والملحوب الواضح المديس، يقال لحبت اللحم عن العظم الحبه لحبا إذا قشرته وكذا العود وغيره. والجمٌ الكثير. والمرهوب، المخوف. 
2. الماذي، الأبيض. و يشتاره، يستخرجه من موضعه، يقال شريت العسل وأشریها أي اجتنيتها. واليعاسيب جمع يعسوب وهو ذكر النَّحل ومتقدّمها، وقيل للسيّد يعسوب. وإمرء أصله مرء فأسكنوا الميم على غير قياس وأدخلوا عليه الف الوصل وجعلوا حركة الراء تبعاً لحركة الهمزة، وحدّاهم على ذلك حذف الهمزة منه تخفيفا وإلقاء حركتها على الراء كما يقال كمء وكم ونبّهوا بجعل حركة الراء تبعاً على أنّها قد تكون حرف اعراب. ومعنى البيتين أنّ مسلك المجد مع وضوحه وظهوره كثير الاهوال صعب المسالك وذلك لأنّ المطالب العالية لا تنال الّا باقتحام الحروب ومكابدة الخطوب، ولمّا استعار لفظ العسل للمجد استعار لفظ اليعا سيب للرماح التي هي دون المجد كاليعاسيب دون العسل. 
3. العُلى والعلاء، الرَّفعة والشَّرف، إذا قصرت ضمت وإذا مدت فتحت. والرَّدى الهلاك، يقال منه ردى يردى. والأمانيّ بتشديد الياء جمع أُمنية وهو ما يتمنّاه الانسان، وخُفِّفَت الياء ضرورة. والمنيّة الموت لأنّها مقدّرة المنا والقدر. والمنا، التقدير. 
4. خُض، أمر من خاض يخوض خوضاً بالمعجمتين، الحتف، الموت وجمعه حتوف، يقال مات فلان حَتفَ أنفه إذا مات من غير قتل ولا ضرب، ولا يُبنى منه فعل. وخطّة الخَسف حالة الذُلّ، يقال سامه خسفاً بفتح الخاء وضمّها أي ذلّه ذلّا ، والخَسف أيضاً النُّقصان. ويبوخُ، يسكن. والخَطب الأمر الشديد، وقال الجوهرىّ الخَطب سبب الأمر. وضرامه، التهابه. والمشبوب، المُلتهب. واستعار لفظ الخوض للدخول في غمار الخَطب، يقول لا يهولنّك ما تراه من اضطرام نيران الملاحم فارم بنفسك في أهوالها فانّها انّما تسكن وهي على تلك الحالة مع ثبوت النَّفس ورباطة الجأش. 
5. الهمزة للتقدير، واللُّبّ العقل والمُلِبّ، المقيم الثابت يقال ألَبَّ بالمكان ولَبَّ إذا أقام ومنه لبّيك قال الغزاليّ انا مقيم على طاعتك ، ونصب على المصدر كقولك حمدالله وشكر الله وثُنِّيَ على معنى التأكيد اي الباباً بعد إلباب واقامة بعد اقامة. والأعاجيب جمع أُعجوبة ولمّا ذكر أنّ المجد لا يدرك الّا بتجشّم الأخطار وتقحّم المهالك، خرج إلى مدح مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بذكر هذا المدح الجليل الذي لم يحصل الّا بمثل ما قرره ووطأه ولهذا حيث فرّ غيره في ذلك اليوم وحين لم يَفُز بما فاز به ولا أدرك ما أدركه من الفضل. 
6 الفَوز، النجاة والظفر بالخير وهو أيضاً في غير هذا الموضع الهلاك، واضافة الفوز إلى العُلا مجاز المعنى أي كما ظفر عليّ بالعُلى فازت العُلى به، بالغ في شرفه حتّى أنّ حصول العُلى له فوز للعُلى وشرف لها، وفيه من اللّطف ما لا يخفى.
7 حصون، خبر مبتدأ محذوف أي هي الحصون. والحصان، المرأة العفيفة. والفَرج الموضع المخوف كالثّغر والتبرّج اظهار المرأة محاسنها وهو ضدّ الحصانة. والمُمتَطّ والممتدّ والجزارة أطراف البعير لأنّ الجزّار يأخذها فهي جزارته كالعمالة للعامل، والجزور من الابل يقع على الذّكر والانثى. واستعار وصف المرأة للحصون في الحصانة والتبرّج يريد أنّ هذه الحصون مع ظهورها ممتنعة على من يروم فتحها، وضرب لها المَثَل فقال ليس كلّما يمشي على الأربع يمكن ركوبها فانّ السَّبُع ممتدّ القوائم وهو ممتنع، ولقد أجاد في هذا البيت ان لم يكن سبق إلى معناه. 
8 يُناط يُعَلَّق يقال ناط الشّيء ينوطه إذا عَلَّقه، والنياط عِرقٌ علّق بها القلب من الوتين فإذا انقطع مات صاحبه وهو النيط أيضاً. والأهاضيب جمع هضاب والهضاب جمع هضب جلباب القطر، والهضبة القطرة هضبت السماء مطرت وجمعها هضب مثل بدرة وبدر. يقول إنّ هذه الحصون لارتفاعها قد لا صقت السماء حتى كأنّ النجوم عليها قلائد وكأنّ جلباب المطر مستقلّة عنها، وذلك على سبيل المبالغة وهو بيت نادر. 
9 تنهل، تنصب. الجرباء، السّماء سمّيت بذلك لما فيها من الكواكب كأنّها جرب وقد أسند أساكيب إليها وتلك لا غيث لها وانّما الغيث للسحاب و يسمّى سماء لارتفاعه. وتصبّ، تمطر ، والصوب نزول الغيث، والصيب السحاب ذو الصوب. والرذاذ، ضعيف المطر. وشمّ الجبال، المرتفعة منها جنع أشمّ، و أضاف الصفة إلى الموصوف اهتماماً بها والتقدير الجبال الشم. والأساكيب جمع أسكوب هو الماء المنصب. يقول انّ هذه الحصون أعلى من الجبال فقويّ المطر يصل إليها قبل أن يصل ضعيفه إلى رؤوس الجبال والضعيف انّما يكون قبل القويّ في الاغلب وقد جعل الحصون في البيت الاوّل أرفع من الغيث وفي هذا جعله أرفع منها وليس ذلك عيباً لأنّ من عادة الشعراء أنّهم يجمعون في الصفات بين الارجح والانقص وليس قصدهم الترتيب في التقديم والتأخير بل الجمع بين الصفات والتنوّع في التشبّه.
10. كسرى بفتح الكاف وكسرها، ملك الفرس. وقيصر، ملك الروم. والقنان جمع قنة وهي أعلى الجبل. والشناخيب جمع شنخوب وشنخوبة وهي رؤوس الجبال، شبّه الحصون بالجبال والمعنى ظاهر. 
11 عميد القوم وعمودهم، سيّدهم. والعميد الثاني الذي هدّه المرض وهو العمود أيضاً. والحرب بكسر الراء الذي اشتدّ غضب.ه المحروب، المسلوب، يقال حرب الرجل ماله فهو محروب وحريب. يقول كم من سيّد رام فتح هذه الحصون فقهرته و أمرضته وكم من شجاع قد اشتدّ غضبه حنقاً وحميّةً فأضحي مسلوب المال وذلك لما فيها من المنعة والقوّة. 
12 الأرعن، الجيش ، مشتقّ من الرعن وهو أنف الجبل المتقدّم، ويجمع على رعون ورعان وقيل الجيش الأرعن هو المضطرب لكثرته. والموّار، المضطرب، يقال مار الشيء يمور مَوراً إذا تحرّك وذهب وجاء. وألمّ نزل ، والإلمام النزول. والمَور الطريق هنا وبضمّ الميم الغبار. ويغن وينفع. والمجرّ الجيش الكثير وجرّه ثقل سيره يقال جيش جرّار اي ثقيل السير لكثرته. والتكتيب، تعبية الجيش كتيبة كتيبة. يقول كم جيش هذه صفته نزل بهذه الحصون فلم تغن فيها كثرته ولا أثّرت بها سطوته. 
13 حام الطائر وغيره حول الماء يحوم حوماً وحوماناً أي دار. ولاب، عطش. واللّوب واللّاب جمع لوبة ولابة وهي الحرة أي الارض التي بها حجار سوداء. والمعنى أنّها لم تضطرب حماها لاجل خوف الردى ولا عطشت أرضها لا نجذابها إلى الهلاك بل هي آمنة ساكنة. و أصل الشوق منازعة النفس والنجذابها إلى الشيء ذلك اللوب للانجذاب إلى الهلاك والإشراف عليه ، والغالب على المشرف على الهلاك أن يتعطّش فلذا نفاه كناية عن نفي الهلاك.
14 الفاء للتعليل أي السبب فيما ذكر من عدم ظفر أحد بتلك الحصون أنّ لها موانع عن الخطوب والصّروف لاستحكامها يقول للخطب عنها. وصروف الزمان وهي حوادثه ونوائبه. صوارف أي موانع كما كان تنكيب عنها أي عدول للنواكب هي جمع ناكبة أي عادلة عن الاستقامة. 
15 تقاصر أصلها تتقاصر فحذف إحدى التائين تخفيفاً. و أساليب جمع أسلوب وهو الفنّ أخذ في اساليب من القول اي فنون ، والمعنى ظاهر. 
16 لمّا إذا وليها الماضي كانت ظرفاً لهذا الموضع بمعنى حين وعامله جوابه الذي يقتضيه وإذا وليها المستقبل كانت حرف جزم وهي نفي فعل وتكون بمعنى الّا في قوله تعالى: « إن كلُّ نفسٍ لمّا عليها حافظ » في قراءة من شدّد وكذا قولهم نشدتك الله لما فعلت اي الّا فعلت، قال الخليل: هذا كلام محمول على النفي، وذكر أبو عليّ أنّ تقدير قولهم الّا فعلت أي الّا فعلك ومعناه الّا أن تفعل فحذفت أن. والفضّ الكسر، وفضّ ختامها كناية عن هدم بنيانها وفتح مغالقها. 
17 الرواق في الاصل شقة طنب البيت، واستعارة للنصر لاحاطته بهذا الجيش وتظليله ايّاه كما يظّلل الرواق عن تحته. ورماه جواب لمّا. 
18 الهدي، الطريق الذي يهدي به أو فيه، يقال لفلان هدي أي سمت يهتدي به. ويسدّده، يثبته. وقوله نور من الله، يريد معارف أهل الايمان المضيئة في قلوبهم من عناية الله وتلك محجوبة عن الابصار.
19 المغاني جمع مغنى وهو المنزل. والاصيد، الملك، قيل أصله البعير يكون برأسه داء فيرفعه، وقيل يُسمّى بذلك لكونه لا يلتفت يميناً وشمالاً واصله كلّ من به داء لا يتمكّن من الالتفات لاجله. والأشوس، الذي ينظر بمؤخّر عينيه تكبّراً أو تغيّظاً. والأجرد من الخيل، الذي قلّ شعره وقصر وهو محمود. والذيّال الطويل الذنب. والمقاء، تأنيث الامق وهو الفرس الطويل والمقو الطول، وفرس سرحوب أي طويلة ويوصف به الاناث دون الذكور. وقد وصف حال الجيش فذكر الفرسان والسلاح والخيل وذكورها. 
20 القضاء، الدروع الخشنة. والزُعف جمع زعفة بسكون العين وتحريكها في الواحد والجمع وهي الدروع اللينة، قال الشيبانيّ: الزعفة الواسعة فعلى هذا القول لا تناقض لكنّه وصف الواحدة بالجمع لأنّ القضاء مفردة والزعف جمع وعذره أنّه أراد الجنس. والحباب، نفاخات الماء التي تعلوه. والقتير رؤس المسامير في الدروع. شبّه المسامير بالفقاقيع التي على وجه الماء وهو تشبيه مصيب. والاسمر العسّال الرمح وسمّي عسّالاً لا هتزازه واضطرابه، والعسلان، سرعة المشي. والابيض المخشوب، السيف المصقول. 
21 العثير، غبار الحروب. والغربيب، الشديد السواد. ولقد أحسن في هذا البيت و أجاد جمع بين حسن التشبيه وفصاحة اللفظ وبديعه. 
22 الزعيم، سيّد القوم ورئيسهم. والمفازة واحدة المفاوز سمّيت بذلك لأنّها مهلكة من فوز إذا هلك، وقال الاصمعيّ سمّيت بذلك تفاؤلاً بالسّلامة والفوز. وأراد بالنّسر والذّئب الجنس منهما وجعله قائداً لتحقّقه النصر والظفر لهذا الجيش. 
23 السوط، اسم للعذاب وإن لم يكن ثمّ ضرب بسوط أي فجرى على هذه الحصون من أمير المؤمنين عذاب مصبوب على كلّ مسيء. قوله مصبوب خبر لمبتدأ محذوف أي هو مصبوب. وقوله على كلّ متعلّق به أي بقوله مصبوب ، والجملة نعت لقوله سوط بليّة اي سوط بلية هو مصبوب على كلّ مصبوب الإساءة أي الذي صبّت إساءته على الناس وأراد به المسيء. 
24 الصّدى، ذكر البوم. والمعنى فغادرها أي تركها خراباً لا سمع بها الّا صوت البوم الذي من شأنه أن يسكن الخراب. 
25 الضمير في ينوح يعود إلى الصّدى ونوح مصدر مضاف إلى المفعول وفاعله يوشع وكذا دمع مصدر أیضاً مضاف إلى المفعول يعقوب والعامل فيه ما في يذري من معناه. والمعنى ينوح الصدى على هذه الحصون نوحاً مثل نوح يوشع على هارون ويدمع عليها دمعاً مثل دمع يعقوب على يوسف وهما في الاصل صفتا مصدرين. ويوشع هو يوشع ابن نون بن افراثيم بن يوسف بن يعقوب وهارون مات قبله. ويذري، يلقي. 
26 الزماجير جمع زمجرة وهي الصوت، يقال لفلان له زمجرة إذا أكثر الضجّ والصياح. شبّه أصوات الرجال في لحروب بالصواعق التي تهلك كلماته أتي عليه. والصوب في الاصل نزول الغيث واستعار لفظه لسيل الدماء. والآذي، الموج لفظه مستعار أيضاً للمبالغة. والشآبيت جمع شؤبوب وهو الدافعة من الغيث.
27. خرّ، سقط والبوارق جمع بارقة وهي هنا السيوف. والمُبرق، المتهّدد، يقال منه رعد وبرق أرعد وأبرق. والسّلب، الذي لا عقد بها جمع سليب فعيل بمعنى المفعول. والمسلوب الذي سلب ماله وأهله. 
28 كم في هذه المواضع خبريّة للتكثير وبُنيت حملاً على ضدّها وهي ربّ لأنّها للتقليل وهم يحملون على الضد كالنظير. وأصحب، انقاد. يقول كم انقاد بأرض خيبر من الرجال من كان حروبا صعباً لا ينقاد وكم من كان مالكا حاكما فبات فهو مملوك محكوم عليه. 
29 العصب، العمامة وعصبها أدارها على رأسه والعصب أيضاً البرد اليماني، والعصب السيف القاطع. والمعصوب، المتعمّم. جعله في أوّل إلنهار حيّاً متعصّباً بعمامته وفي آخر النهار مقتولاً قد صار السيف له كالعصابة المحيطة بالرأس.
30 معناه أنّ من شاهد هذه الحال وإن لحقه ضرر فانّه يحصل له من التجربة والاعتبار ما ينتفع به ويقيس عليه أحوال الدنيا وهذا من قول بعضهم: علّمتني الحزم لكن بعد مؤلمة              انّ المصائب اثمان التجاريب
31 ما، شرطيّة وأنس مجزوم بها، ولا أنسَ مجزوم لأنّه جواب الشرط. واللَّذينِ يريد بهما الاوّل والثاني. يقول مهما أنس شيئاً من الاشياء لا أنس هرب هذين الرجلين مع علمهما بأنّ الفرار حوب أي اثم.
32 الراية العظمى راية رسول الله صلى الله عليه وآله ، والجلابيب جمع جلباب وهو الملحفة. أي قد اشتمل الذلّ على هذه الراية بحمل هذين الرجلين لها كاشتمال الملابس والجلابيب على الانسان. وفي طريق أحمد بن حنبل رواية رواها عنه ولده ومضمونها مطابق لمضمون هذين البيتين وصرح فيه بفرارهما وفتحه عليه السلام لخيبر ومدحه رسول الله صلى الله عليه وآله .
33 يشلّهما، يطردهما. وآل موسى هنا قومه. والشمر دل، القويّ السريع من الابل وغيرها ويريد مرحب بن ميشا. والعرب تصف بطول النجاد ويريدون طول القامة لأنّ طول النجاد دليل على طول القامة والطول محمود عندهم. والاجيد، الطويل الجيد وهو العنق. واليعبوب، الفرس الكثير الجري والنهر الشديد الجرية ، وأطلق على مرحب هذا اللفظ لشدّته وسرعة حركته. 
34 يمجّ، يقذف. والمنون، الموت. والضماير في قوله سيفه وسنانه وغمده يعود إلى مرحب وفي البيت مبالغة. 
35 الحضر، العدو. والاخرج، ذكر النعام الذي فيه بياض وسواد. والخاضب، الذي أكل الربيع فاحمرّ طنبوباه أو اصفرّ. وناعم الخدّ مخضوب كناية عن المرأة. يقول أعَدوّ هذين الرجلين حين طردهما مرحب أم عدوّ ظليم قوىّ منفرد ورجلان هما أم امرأتان في ضعفهما ورقّة قلبهما وهذا تهكّم واستهزاء. 
36 عذره لهما عذر ثلب واستضعاف لأنّ بغض الموت شيمة الأذلّاء والضعفاء فأمّا أهل النجدة والشجاعة فيتبادرون إلى ذهاب الأنفس.
37 هذا البيت ليس على عمومه بل مخصوص بهما وبأمثالهما وهو من قول بعض العرب وقد قيل له لم تفر فقال والله انّي لا أكره الموت وهو يأتيني أنا أسعى إليه بقدمي. 
38 يريد قصب سبق العليا فحذف المضاف للدلالة عليه وفي القصب وجهان أحدهماأاّنه يراد به مسافة السباق لأنّها تمسح بالقصب فأطلق عليها لفظ القصب مجازاً و الآخر أنّهم كانوا يجعلون في غاية الحلبة قصبة فالسابق يأخذ تلك القصبة ليكون شاهداً له بالسبق. والمقضوب، المعيب وقضبه إذا عابه، فمقضوب صفة لا مریء وبغير متعلّقة بمقضوب فالتقدير يملكها امرؤ معيب بغير فعل دني، وكان الأحسن أن يكون وضع الكلام يملكها امرؤ غير مقضوب بفعل دني فكان يحصل بذلك التنزيه لأمير المؤمنين عليه السلام والتعريض بغيره. ووجه البيت أنّه كامل ليس فيه عيب الّا ما ادعاه فيه أعداؤه وذلك لو ثبت لكان من مكارم أخلاق سيّدنا محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله فقد كان يمزح ويقول انّي لأ مزح ولا أقول الّا حقّاً وأوّل من نسب عليّاً إلى الدعابة عمر بن الخطاب ثمّ انتشر في أفواه أعدائه كمعاوية بن هند وعمرو بن النابغة حتى قال عليّ عليه السلام عجباً لابن النابغة يزعم لاهل الشام انّي في دعابة وانّي امرؤ تلعابة أعانس وأمارس لقد قال باطلاً ونطق آثماً بفسوقه ثمّ شهد بفسوقه وغدره وجبنه في كلام له وكأنّ ابن أبي الحديد نظر في هذا البيت إلى قول بعضهم : 
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم                     بهنّ فلول من قراع الكتائب
39 البؤس، شدة الحاجة. والسّلم، الصلح يكسر ويفتح ويذكّر ويؤنّث. والخفض، الراحة والمدح في هذا البيت يتوجه باعتبارين الاول بالنظر إلى مطلق الشجاعة والتجرّد لها واطراح الراحة كما تمدح العرب بذلك في نظمها ونثرها ، والثاني بالنظر إلى العبادة فانّ الجهاد أعظم العبادات.
40 قوله فللّه عيناً تعجّب، ومقطوب، ممزوج. واستعار لفظ الكأس للحرب ورشح بكونه ممزوجاً بالموت نظراً إلى كراهة طعمه ومرارة مذاقه. 
41 الجواد الاوّل الكريم يريد به عليّ عليه السلام، والجواد الثاني السريع من الخيل. والأخشب، الجبل الغليظ. وأطلق لفظه على أمير المؤمنين عليه السلام لشدّته وقوّة بأسه. والاخاشيب، الجبال وعلا بخطّه فعل ماض. 
42 الابيض، السيف، والفرند، جوهره ، قال الجوهرى وابن الفارس: شطب السيف، طرائقه التي في متنه والواحدة شطبة، وسيف شطب ولم يقولا مشطوب و لعلّ الناظم وقف عليه واستعمله وجعل عليّاً كالسيف الذى يقلّد به مجازاً وفي جعله مشطوب كلفة وجاء في اللسان في مادة شطب سيف مشطب ومشطوب. 
43 أجدّك بكسر الجيم وفتح حكاه الجوهرىّ قال الاصمعيّ: معناه أبجدّ منك هذا ونصب على طرح الباء وقال أبو عمرو : أجدّاً منك ونصب على المصدر. 
44 الغابة، الشجر الملتفّ. والأكاويب جمع كوب وهو كوز لا عروة له. يقول انّ الموت خطب عظيم وأنت تقصده كأنّ في الموت حياة لك ، واستعار لفظ المدام للدّم وجعل الظلّ ظلّ الرماح، واستعار لفظ أكاويب للنصال تشبيها له في اقباله على سفك الدماء وابتهاجه بمصادمة القرناء كانسان حفّت به المسرّات ودارت عليه الكاسات فهو جذل الفؤاد حريص على الازدياد وهذا المدح على طريقة العرب والِا فأمير المؤمنين يرى الموت في الجهاد حقيقة.
45 الملكوت، الملك والواو والناء زائدتان للمبالغة. والتصعيد، العلوّ. والتصويب. الانخفاض. أي أظهر الله تعالى لك النصر وأنت على هذه الحالة الشديدة، ولقد أجاد وأحسن. 
47 الضمير في قوله فعاين يعود على الموصوف من قوله أولاً فللّه عيناً من رآه أي فللّه عينا انسان رآه على هذه الحال فعاين شيئاً لو سمعه عن انسان لكذب عنه اذ لا يكاد يصدر مثل ذلك الّا عن ملك مقرب لكنّه تحقّق ذلك بالمشاهدة والنظر ، وقيل انِ الضمير يعود إلى الجبّار وهو ملك اليهود وهذا بعيد لأنّ لفظ التجلّى مستند إلى اللفظ الجبار مع لفظ الملكوت لا يتوجّه ذلك لغير الله. 
49 أصلت، سلّ. والقضب، السيف القاطع وكذا الجرار. والمقضوب، المقطوع. واستعار لفظ الحبل للامانيّ لامتداد المشترك بينهما. والضمير في فيها يعود إلى الحرب.
50 غصّت امتلأت. والفضاء، الواسعة. والظنابيب جمع الظنبوب وهو العظم اليابس في مقدّم السّاق. والضمير في خيله يعود إلى مرحب.
51 الركض هنا العدو وليس بأصل لأنّ الركض ضرب الفرس بالرجل لتعدو. والربود جمع ربد وهو الراقي من الجبل. والسوابح جمع سابحة وهو الفرس الجيّد العدو، وسبح الفرس عدا. والوكون جمع وكن وهو عشّ الطائر في الجبل أو في الجدار. واليعاقيب جمع يعقوب وهو ذكر الحجل جعل الخيل لقوّتها تعدو على الجبال فكأنّها تطير وجعلها أصلاً في الطيران وجعل اليعاقيب فرعاً عليها في المماثلة لولا أنّها ذوات أعشاش. وأمّا قوله يعاقيب ، رکض فهذه الیعاقیب الاولی لا أدری ما قصد بها الّا أنّهم قالوا فرس ذو عقب اذا کان یتبع جریت بجری فإن أراد هذا المعنی و أسعده النقل فهو حسن و یجوز آن یکون جعل الخیل هی الیعاقیب الحقیقیة و تلک لولا الوکون لعائلتها فعلی هذا یتحد معناهما.
52 أشربه أي سقاه والهاء لمرحب. والاحوس، الذي لا يهوله شيء والمراد به أمير المؤمنين. وطعّيم وشرّيب من أبنية المبالغة واستعار لفظهما لعليّ لكثرة جهاده وسفكه الدماء في سبيل الله حتى كأنّ الدم طعامه وماءه اللّذين بهما قوام الحياة. 
53 الهاء في رامه يعود إلى الاحوس وفي عكسه إلى المقدار أي اذا طلبة بسوء أو طلب هو عكس المقدار فلقرب مطلب المقدار تبعيد ولبعد عكس المقدار تقريب منه والمعنى يحكم على المقدار ولا يحكم المقدار عليه ، والمقدار هو ما يقضيه الله تعالى ويقدّره على العبد، ولا اشكال في ذلك لأنّه انّما يدفع قضاء الله بالاستعانة به والتوكّل عليه وبأفعال الخير التي هي سبب لدفع محذور القضاء كما جاء في دعاء مولانا العسكري: «يامن يردّ باللطف والصدقة والدعاء عن عنان السماء ما حتّم وابرم من سوء القضاء.» 
54 الضمير في قلبها يعود إلى الوقعة. والعضب، السيف القاطع. والمعضوب، المكسور. واستعار لعليّ عليه السلام وكذا لمرحب لفظي الدهر والعضب لكونهما قاتلين قاطعين فأخرج الكلام مخرج التعجب لأنّ الدهر من شأنه أن يكون قاتلا لا مقتولا والسيف يكون قاطعاً لا مقطوعاً فعليّ عليه السلام هو الدهر القاتل والسيف الكاسر ومرحب هو المقتول والمكسور.
55 حنانيك أي رحمة بعد رحمة، والحنان الرحمة ونصبه نصب المصدر ولفظه لفظ التثنية والمراد به التكثير لا التثنية الحقيقية. وفوز العرب بسؤدد أمير المؤمنين لكونه منهم فشرفوا به فالعرب منهم أولاد سام بن نوح والروم النوبة أولاد حام بن نوح عليه السلام وسام وحام ويافث آباء الناس أجمعين فعليّ عليه السلام افضل الناس كلّهم بعد النبي صلى الله عليه وآله 
56 ماس إذا تبختر في مشيه. وفي هذا البيت تصريح بتفضيله عليه السلام على الانبياء. والمعنى أنّ موسى عليه السلام لم يشتمل على علاء كامل بل علاك أكمل، ولم يرجع أيّوب بذكر ما آبه بل ذكرك آبه ، وآب إذا رجع، وخصّ موسى بشجاعته وأيّوب بصبره. 
57  أراد أنّ مجده عليه السلام لا يستجلب له الحمد بالمدح و الثناء كما جرت العادة وذلك لزيادة كماله وغنائه عن غير الله تعالى ورسوله وأيضاً لعدم حبّه الاطراء والمدح ولقصور ذلك عن جليل قدره وشريف منزلته هذا مع أنّ الحمد انّما يستجلب لغيره بالثناء والمدح وذلك لانحطاطه عن الاوصاف العالية وقد ذكر ابن أبي الحديد في شرحه أنّ الحمد والمدح يترادفان لا فرق بينهما فعلى قوله كيف يكون الشيء مستجلباً لنفسه ويمكن أن يراد بالحمد والشكر الخاص الذي لا يؤدّي حقّ حمده ونعمته بالثناء والمدح حسب العوائد.
58 الادلاج، سير الليل. والتأويب، سير النهار. يريد أنّ فضله عليه السلام يتعاقب عليه الليل والنهار بالزيادة فلا ينقطع ولا ينقص إذاً وفي فضل غيره نقص بل فضله في الزيادة دائماً. 
59 الذات عبارة عن الحقيقة في اصطلاح المتقدّمين. والتقديس، التطهير. والرمس، تراب القبر وهو في الاصل مصدر يقال رمست الميت إذا دفنته. والترجيب، التعظيم وبه سمّي شهر رجب معظما. 
60 تقيّلت أي أشبهت، يقال تقيّل فلان أباه إذاأشبهه وذلك لأنّه عليه السلام كان يصدر عنه ما لا يصدر عن البشر كالحكم بالمغيّبات وغير ذلك. وقوله عذرت بها يريد بها المبالغة والمجاز إذ العذر الحقيقيّ في هذا كفر ، والمعنى لو جاز أن يعذر لعذرته ومثل هذا كثير في كلامهم.
61 التتبيب، الخسران والهلاك. وقوله في عيسى نظيرك جعله في هذا البيت نظير عيسى وفي الذي قبله فضّله على موسى وكلاهما من اولي العزم فلا يرجح أحدهما على الآخر فيكون أمير المؤمنين أفضل منه ويمكن أن يكون المراد به نظيره في صفة خاصة اقتضت ادّعاء الربوبيّة فيه. 
62 و 63 البازل، الجمل المسل، بزل البعير يبزل بزولاشقّ نابه فهو بازل ذكراً كان أو أنثى وذلك في السنة التاسعة والجمع بزل وبزل وبوازل ، والبازل أیضاً اسم السن التى طلعت، ويقال جمل عبر أسفار بضمّ العين وكسرها إذا كان قويّاً على السفر معتاداً عليه. والخرعوب، الطويل الحسن الخلق. ويغشي، يؤتى. ويترف، ينعم. والقرضوب، الفقير.
64-66 الثاوي، المقيم. والمثوى، موضع الاقامة. والحصبا، الحصى. وكاس البعير إذا مشى وهو معرقب واستعارة ذلك للملائكة فيها كلفة. و الغر جمع أغرّ وهو الحسن. وانيب جمع ناب وهي المسنة من النوق. والدم المُراق، المصب. والشوى جمع شواة وهي جلدة الرأس. وكانت العرب تنحر الابل على قبور الاشراف منهم اكراماً لهم وكانوا إذا أرادوا نحر الناقة عرقبوها. قال الجوهريّ: عرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يديها، فتكوس أي تمشي على ثلاث قوائم. 
يقول انّ قبر أمير المؤمنين عليه السلام يجلّ أن تنحر الابل لتحبس بالدم ويلقى عليها عراقيب النيب وشواها بل الملائكة هي التي تكوس به عوضاً عن النيب. 
67 علّة الدنيا سبب وجودها وقد وردت الاخبار بأنّ الائمّة سبب وجودها وقد تکلّم السيّد المرتضى علم الهدي في هذا المعنى فقال إذا كان الله عالما بأنّ اللطف في تكليف الامم بنبوّة نبيّنا وامامة أئمّتنا ما جازى الله تعالى ولا كلّف ولا أثاب ولا عاقب لأنّ كونهم ألطافاً في التكليف لا ينوب غيرهم مقامهم يقتضي ذلك.
68 المعالي معناه كما سبق. والغرّ جمع غرّاء وهى الواضحة المشهورة. ومحسب، كاف. يعني إنّا لمّا رأينا بعض فضائله لا تحصى كثرة اكتفينا بذلك البعض واستدللنا به على أنّ الكلّ أبلغ وأعظم من أن يحصى أو يدخل في الحساب. 
69 يعني أنّ الناظم إذا مدح غير عليّ عليه السلام مدحه تكلّفاً بما ليس فيه فكأنّه هجاه لأنّه نسبه إلى شيء لم يفعله وأمّا مدحه لأمير المؤمنين فهو موضوع في موضعه عن محبّة صادقة فكأنّه يصف معشوقه له كلّما التذّ خاطره وسرّ قلبه. والتشبيب، وصف المرأة المحبوبة. 
70 التثريب، التعبير والمبالغة في اللوم وهو الثرب كالشغف من الشغاف. يعني انّ لسان الرحمة الآلهيّة خاطبه بما خاطب به يوسف اخوته حيث قال لهم « لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين » وذلك بسبب ما قدّمه من ولاية أهل البيت عليهم السلام و مدائحهم.

منبع

آلقصائد السبع العلویات، ابن ابی الحدید المعتزلی، صاحب شرح نهج البلاغه، شعبان العمظم ،1418ه.ق، النشر: دفتر ، باهتمام : الخیر الوجیه، السید حسین بن سماحه الحجه ،السید فضل الله رضازاده، تبلیغات المهدی (ع) اصفهان