قصیده وصف امام علی (ع)

قصیده وصف امام علی (ع)

1. لِمَن ظعنٌ بين الغميم فحاجر
بزغنَ شُموساً في ظِلامِ الدياجِرِ

2. شبيهات بيضات النعام يقلُّها
من العيس أشباه النعام النوافر

3. ومن دون ذاك الخدر ظبية قایضٍ
تريق دماء المشبلات الخوادرِ

4. تنوءُ بأعباءِ الحليّ وإِنّها
لتَضعف عَن لمحِ العُيونِ النواظر

5. إذا اعتَجَرَت قاني الشفوف فيالها
تبارِيح وجد في قلوب المغافرِ

6. تميل كما مال النزيف وتَنثني
تثني منصور الكتيبة ظافر

7. لها مَحضُ ودّي في الهوى وتحنّني
وخالص أضماري وصفو سرائري

8. فيا ربِّ بَغِّضها الى كلّ عاشق
سوايَ وقَبِّحها إلى كلّ ناظرِ

9. وبَغِّض إليها النَّاس غيري كما أرى
قبيحاً سواها كلّ باد وحَاضر

10. فيا جنَّة فيها العذاب ولم أخف
حلول عذاب في الجنان النَّواضِر

11. يعاقبُ في حسبانها غير مشرك
ويحرم من نِعمائِها غير كافر

12. علمتكِ لا قُربُ الدِّيار بنافعي
لديكِ ولا بُعدُ الدِّيار بِضائري

13. وما قرب أوطان بها مُتَباعِد
المَوَدَّة إلّا مثل قُربِ المقابر

14. حلفتِ بربِّ القعضبيّة والقنا
المثقَّفِ والبيض الرقاق البواتر

15. وبالسَّابحَات السّابقات كأنَّها
من النَّاشرات الفارِقات الاعاصر

16. وعُوجٍ مرنَّات وصفرٍ صوائب
وفُلكٍ بآذيِّ العباب مواخر

17. لقد فاز عبد للوصيّ ولاؤه
وإن شابه بالموبقات الكَبائر

18. وخاب معاديه ولو حلَّقَت به
قوادم فتخاء الجناحين كاسر

19. هوَ النَّبأ المكنون والجوهر الذي
تجسِّد مِن نُورٍ مِنَ القدس زاهِر

20. وذُو المعجزاتِ الواضحاتِ أقلُّها
الظهورُ على مستودِعات السَّرائر

21. ووَارِث علمِ المُصطفى وشَقيقُه
أخاً ونَظيراً في العُلى والأواصِر

22. أَلا إِنَّما الاسلام لَولا حُسَامهُ
كعفطَةِ عَنزٍ أو قلامةِ حَافِر

23. أَلا إِنَّما التَوحيد لولا علومُه
كعُرضة ضلّيلٍ ونهبة كافِر

24. أَلا إِنَّما الأقدَارُ طوع يمينه
فبُوركَ من وتر مُطاع وقادر

25. فلو ركض الصُّمّ الجلامد واطِئاً
لفجرَّها بالمترَعات الزواخِر

26. ولَو رامَ كسف الشمسِ كَوِّرَ نورها
وعطَّلَ من أفلاكها كلّ دَائر

27. هو الآية العُظمى ومُستنبِط الهدى
وَحيرة أرباب النُّهى والبَصائر

28. رَمى الله منه يوم بدرٍ خصومه
بذي فذذٍ في آل بدرٍ مبادر

29. وقد جاشتِ الارض العرِيضة بالقنا
فلم يُلفَ إِلّا ضامرٌ فوقَ ضَامر

30. فلو نَتَجَت أمُّ السّماء صواعقاً
لما شَجَّ منها سارِح رأس حاسر

31. فكان وكانوا كالقُطاميّ ناهضَ 
البغاث فصرّى شِلوَهُ في الاظافر

32. سرى نَحوهم رسلاً فسارت قُلوبهم
من الخوف وخداً نحوه في الحناجِر

33. كأنّ ضبَاتِ المشرَفيَّةِ من كرىً
فما يبتغي الّا مَقرَّ المحاجر

34. فَلا تحسبنّ الرعد رِجس غَمامَةٍ
ولكنَّهُ من بعضِ تلك الزَّماجر

35. ولا تَحسبنّ البرق ناراً فإِنَّه
وَمِيض أتي من ذي الفقار بفاقر

36. ولا تَحسبنّ المزن تهمي فإِنَّها
أنامله تَهمي بأوطف هامِر

37. تعاليتَ عَن مدحٍ فأبلَغُ خاطب
بمدحِكَ بين الناس أَقصرُ قاصر

38. صِفاتك أسماء وذَاتكَ جوهرٌ
بَرئ المعاني من صفاتِ الجواهر

39. يَجِلُّ عن الأعراض والأينِ و المتى
ويَكبرُ عَن تَشبيهِه بِالعَنَاصِر

40. إذا طاف قومٌ فی المشاعِرِ والصَّفا
فقبرك رُكني طَائِفاً ومشاعِري

41. وإِن ذَخِرَ الأقوامُ نُسكَ عِبادة
فحُبُّكَ أوفي عدّتي وذخائري

42. وإِن صامَ ناسٌ في الهواجِرِ حسبَةً
فَمَدحُكَ أَسنى من صيام الهواجر

43. وأعلَمُ أَنِّي إن اطَعتُ غوايَتي
فَحُبُّكَ أُنسي في بطون الحفائر

44. وإِن أكُ فيما جِئتهُ شرّ مذنبٍ
فَرَبُّكَ يا خير الورى خير غافر

45. فَواللهِ لا اقلَعتُ عَن لَهوِ صَبوتي
ولا سَمِعَ اللَّاحون يوماً معاذِري

46. إذا كُنت للنيران في الحشر قاسماً
أطَعت الهوى والغيَّ غير محاذر

47. نَصَرتُكَ في الدُّنيا بما أَستَطيعه
فَكُن شافعي يوم المعادِ ونَاصري

48. فَلَيتَ تراباً حالَ دونكَ لم يَحل
وساترَ وجهٍ مِنكَ ليس بِساتِر

49. لِتَنظُرَ ما لا قى الحسينُ ومَا جَنَت
عَلَيهِ العِدى مِن مُفظِعات الجرائر

50. مِنِ ابنِ زيادٍ وابنِ هندٍ واب
نِ سعدٍ وأبناء الإِماء العواهر

51. رَمَوهُ بِيَحمومٍ أديمٍ غطامطٍ
تُعيدُ الحصى رَفغَاً بِوَقعِ الحوافِر

52. لهامٌ فلا فَرعُ النُّجوم بمسبلٍ
عَلَيهِ ولا وَجهُ الصباح بِسافر

53. فيالك مقتولاً تهدّمت العُلى
وثلَّث بهِ أركانُ عرش المفاخر

54. ويا حسرتا إِذ لم أكن في أوائل
مِنَ النَّاس يتلى فضلُهم في الأواخر

55. فَأنصرَ قَوماً إِن يكن فات نصرُهم
لَدى الرَّوع خطَّاري فما فات خاطري

56. عَجِبتُ لأطواد الأخاشيبِ لَم تمد
ولا أَصبَحَت غَوراً مياه الكوافر

57. وَلِلشَّمس لم تَكسَف وللبَدرِ لم يَحل
وللشُّهبِ لم تقذَف بأشأمِ طائرِ

58. أما كان في رزء ابن فاطم مقتض
هُبوط رواس أَو كُسوف زواهر

59. ولكنّما غَدرُ النفوس سجيّةٌ
لها وعزيزٌ صَاحبٌ غير غادِر

60. بني الوحي هل أَبقي الكتابُ لناظِمٍ
مَقالة مَدحٍ فيكمُ أو لناثر

61. إِذا كان مولى الشَّاعرين وربّهم
لَكم بانياً مَجداً فما قدر شاعر

62. فَأُقسم لولا أنّكم سُبُلُ الهدى
لضلّ الورى عن لاحبِ النَّهج ظاهر

63. ولَو لَم تَكُونوا في البسيطة زلزلت
وأُخرِبَ مِن أرجائها كلّ عامر

64. سأمنَحُكُم منّي مودّة وامق 
يغض قلى عن غَيركم طَرف هاجر

١ ـ الظعن جمع ظعينة وهي في الاصل الهودج وتسمى المرأة ظعينة ما دامت في الهودج فان لم تكن فيها اطلق عليها هذا اللفظ مجازا واتساعا. والغميم وحاجر موضعان والغميم الكلا اليابس ، الحاجر ما يمسك الماء من المكان المنهبط والجميع حجران والدياجر جمع ديجور وهو الليل المظلم ويريد بالظعن هنا النساء ولهذا شبهن بالشموس.
٢ ـ العرب تشبه المرأة بالبيضة واللؤلؤة والظبية وذلك لصفاء البيض وبياضها يقلها يحملها. والعيس جمع اعيس وعيساء وهي الابل وخص النوافر لان سيرها اسرع.
٣ ـ الخدر الستر وتسمية المرأة بالظبية مجاز للنسبة الحاصلة بينهما في حسن العينين والعنق والمشبلات الاسود ذوات الاشبال. والخوادر جمع خادر وهي اللواتي في خدورها اي اجمها وخص المشبلات لكونها اقوى واجرأ وخص الخوادر لانها تهاب اكثر من الظاهرة.
٤ ـ تنوء تنهض مثقلة بعض مشقة والاعباء جمع عبء وهو الثقل والحلي جمع الحلى مثل ثدي وثدى وهو فعول وقد تكسر الحاء لمكان الياء وقرئ «من حليهم عجلا جسدا» بضمّ الحاء وكسرها. ومخرج البيت مخرج التعجب لان من تضعف عن لمح البصر كيف تتحمل أعباء أثقال الحلي و هذا نظیر قول المعری:
و یا أسیرة حجلیها أری سفها
حمل الحلیّ لمن أعیا عن النظر
5 ـ اعتجرت أي لبست المعجر وهو ثوب تلفه المرأة على رأسها والقاني الاحمر والشفوف جمع شف وهو الثوب الرقيق. والتباريح الشدائد. والمغافر جمع مغفر ، قال الاصمعي هو زرد ينسج على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة ، والمغفر الستر والمنادى في قوله فيالها محذوف أي يا قوم احضروا لها واللام للمستغاث له وفتحت لاتصالها بالضمير ، والمعنى أن هذه المرأة إذا وضعت الشفوف على رأسها حصل في قلوب المعافر التي هي على رؤوس الشجعان وجد عظيم كيف لم تكن هي الموضوعة على رأسها فقلوب المغافر اوساطها على هذا المعنى ولا يجوز ان يكون الكلام على تقدير حذف المضاف اي في قلوب اصحاب المغافر فعلى هذا يكون الكلام حقيقة على الاول والاول أجود و معنی البیت للمتنبی فی قوله:
مسرّة فی قلوب الطیب مفرقها
و حسره فی قلوب البیض و الیلب

اذا رأی و رآها رأس لابسه
رأی المقانع أعلی منه فی الرتب
6 ـ النزيف السكران لانه ينزف عقله ، ومنه قوله تعالى « لا يصدعون عنها ولا ينزفون » اي لا يسكرون. والكتيبة الجيش.
10 ـ النواضر جمع ناضرة وهي الحسناء الرائفة ومعنى الابيات واضح.
11 ـ الحسبان مصدر حسبت أحسب حسبانا بضم الحاء وفتحها وحسبا وحسابة ايضا والحساب الاسم ولما استعار لهذه المرأة لفظة الجنة لما فيها من اللذة جعل حالها معكوسة فجعل فيها العذاب وذلك بسبب قطيعتها وهجرها وجعلها تعاقب غير المشرك وهو الذي لم يحب معها أحدا وتحرم غير الكافر وهو الذي لم ينكر حقها.
14 ـ القعضبيّة الاسنة منسوبة إلى قعضب وهو رجل كان يعلمها والمثقف المقوم العدل.
15 ـ السابحات، الخيل التي تعدو. والناشرات الرياح وهي من النشر أي البسط وقيل هي الرياح التي تأتي بالمطر والفارقات قد جعلها من صفة الرياح وقد قيل ذلك وقال ابن قتيبة في قوله عزوجل « فالفارقات فرقاً » انها الملائكة تنزل تفرق بين الحق والباطل كذا قال الغريزيّ فأما الاعاصر فانها الرياح القوية شبه جري الخيل بمجرى الرياح العاصفة.
16 ـ العوج المرنات القسي. والصفر الصوائب السهام. والفلك السفن. والآذي موج البحر والجمع الاواذي والعباب لجة الماء ومعظمه. ومواخر جوار تشق الماء بصوت.
17 ـ الموبقات، المهلكات في الآخرة وقد جاء في الخبر حب علي حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة. وشابه خلطه.
18 ـ حلّقت ارتفعت. والقوادم جمع قادمة وهي الريش الاول من الجناح في كل جناح عشرة ، والفتخاء العقاب والكاسر التي تكسر ما تصيده وقد مضى مثل ذلك المعنى ان معادية لا ينجو ولا مخلص له من الهلاك ولو كان على جناح هذا الطائر ، وقوله فتخاء الجناحين أي ناعمة الجناحين.
19 ـ النبأ هو الخبر والمكنون المستور كأنه خبر من الله لا يعلم سر فضله إلا هو والجوهر يريد به هنا الاصل وتجسد صور وزاهر فضله مشرق روى الخوارزمي باسناده إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف سنة فلما خلق الله تعالى أدم سلك ذلك النور في صلبه ولم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب حتى أقره في صلب عبدالمطلب ثم أخرجه من صلب عبدالمطلب وقسمه قسمين قسما في صلب عبدالله وقسما في صلب أبي طالب فعلي مني وأنامنه ، فهذا معنى قوله تجسد من نور من القدس زاهر أي صار ذلك النور جسدا.
20 ـ أمّا معجزاته وكراماته وعلمه بالمخفيات فأشهر من الشمس وأبين من فلق الصبح ومن ذلك كشفه قليب الماء الذي عند الراهب وسيأتي ذكره ومنه ما روي أنه كان جالسا في مسجد الكوفة في جماعة فيهم عمرو بن حريث فاقبلت امرأة متخمرة لا تعرف فوقفت وقالت لعلي عليه‌السلام يا من قتل الرجال وسفك الدماء وأيتم الاطفال وأرمل النساء فقال عليه‌السلام وانها لهي السلقلق الجلقة المجعة وانها لهي هذه شبيه الرجال والنساء التي ما رأت دما قط قال فولت هاربة منكسة رأسها فتبعها عمرو ابن حريث وقال لها والله لقد سررت بما كان منك وأدخلها داره وأمر جواريه أن ينزعن ثيابها لينظر إليها فبكت وسألته أن لا يكشفها وقالت أنا والله كما قال لي ركب النساء وانثياء الرجال وما رأيت دما قط قال فتركتها ، والسلقلق السليطة وأصله من السلق وهو الذئب والجلعة الجعة الفاحشة اللسان والركب منبت العانة.
21 ـ الشقيق الاخ والاواصر جمع آصرة وهي القرابة وكلما يعطف على الانسان من رحم أو صهر أو معروف يعني انه عليه‌السلام اشتق من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فماثله في علاه وخلائقه الكريمة التي تعطف الناس عليه.
22 ـ انما للحصر لانه مركب من أن التي للاثبات ومن ما التي للنفي فالحصر حاصل من إثبات ذلك الشيء ونفي ما عداه والعفطة من العنز الحمقة والشاة ما ينتثر من أنفها كفعل الجمار ويقال ما له عافطة ولا نافطة أي لا بعير ولا شاة ويجوز أنه لراد بالعاطفة هنا ما ينثر بأنفها ويكون مجازا ، والمعنى أنه لولا جهاده عن الاسلام لكان حقيرا كما أن العفطة وقلامة الحافر حقيران.
23 ـ الضليل كثير الضلال أي لكان التوحيد معرضا لاهل الضلال ، والنهبة ما انهب أي لكان منتهبا بأيدي الكفار.
24 ـ الاقدار جمع قدر وهو قضاء الله تعالى واليمين القوة والوتر بالفتح والكسر الفرد والمعنى أن عليا عليه‌السلام فيه من القوة النفسية ما يتمكن معها من دفع القدر بمشيئة الله تعالى وجعله وترا لانه لا يماثله أحد من الناس والوتر أيضا من أسماء الله تعالى وقوله بورك أي زاده الله بركة والبركة الزيادة والنماء ، وقوله مطاع أي تطيعه الاقدار وقد بين الطاعة والقدرة في البيت الثاني.
25 ـ المترعات الممتلئات. والزواخر المرتفعات ، والموصوف محذوف أي بالاودية والانهار المترعات يعني لو ضرب الارض برجله في حال وطئه وهي من الصخر الجلمود لفجرها بالماء وهذا وما بعده من القدرة والطاعة.
26 ـ كور نورها أي لفه كما تكور العمامة أي تلف على الرأس.
27 ـ الآية : العلامة وهو عليه‌السلام دليل الله الاعظم على كل مؤمن ومنافق بمحبته وعداوته ومستنبط مستخرج ولما كان سرا من أسرار الله لا تدركه الافكار وبحرا من بحار العلم لا تقع على ساحله الابصار ، وكان فيه من الفضائل ما لا يطلع على كنهه إلا الله تعالى لاجرم تقطعت فيه أنفاس الواصفين فلهذا جعله حيرة أرباب النهى والبصائر.
28 ـ أي يوم وقعة بدر وهو اسم ماء كانت عنده الوقعة قوله بذي فذذأي بسهم ذي فذذ وهي جمع فذة وهي الواحدة من ريش السهم والمبادر المسرع والضمير في منه يعود إليه عليه‌السلام وفي خصومه يجوز أن يعود إليه وأن يعود إلى الله تعالى جعله سهما لله تعالى رمى أعداءه به عليه‌السلام.
29 ـ جاشت اضطربت ، وجاشت القدر إذا غلت ، والضامر الاول الراكب والثاني الفرس والضمور محمود فيهما لانه يدل على الخفة.
30 ـ السماء : المطر ، قال الشاعر :
إذا نزل السماء بأرض قوم
رعيناه ولو كانوا غضابا
و أمّه، اصله وهو السحاب وشج جرح والسارح الساقط. والحاسر الذي لا درع عليه ولا مغفر ، ويريد ان الجيش بأسره في الدروع والبيض حتى لو سقطت صاعقة لما جرحت رأس أحد منهم.
31 ـ القطامي بضم القاف وفتحها الصقر والبغاث بضم الباء وفتحها وكسرها كل ما لا يصيد من الطير وقيل هو الطائر بعينه ابغث اي اغبر. وشلوه جسده شبه امير المؤمنين عليه‌السلام بالصقر وشبه ذلك العسكر الموصوف بالبغاث والصقر إذا ظفر بالبغاث مزق لحمه وسيل دمه.
32 ـ الرسل : السير السهل ومنه قولهم على رسلك اي على هنيتك. والوخد السير السريع والحناجر جمع حنجرة وهي الحلقوم يعني انه عليه‌السلام سرى إليهم متأنيا فصعدت قلوبهم إلى حناجرهم مسرعة إليه خوفا منه.
33 ـ الضبات، الحدود. والمشرفية السيوف وقد تقدم ذكرها. والمحاجر جمع محجر وهو ما حول العين ومقر المحاجر هي الرؤوس شبه حدود السيوف بالنوم الذى لا يحمل الا بالرؤوس.
34 ـ الرجس الصوت. والزماجر : صياح الرجال في الحرب. والوميض لمع البرق والفاقر يريد به الفاقرة وهي الداهية. والمزن جمع مزنة وهي السحابة. وتهمي تسيل. والاوطف السحاب الداني من الارض لامتلائه بالماء. والهامر السائل يقول ان زماجير الرجال هي الرعد الحقيقي ووميض ذي الفقار هو البرق الحقيقي وغيث السحب هو جود كفه وفيض كرمه والرعد والبرق والغيث المعهود ليس له في الوجود حقيقة فهو مطروح عن درجة الاعتبار وهذا من المبالغة في الوصف.
38 و 39 ـ قوله صفاتك اسماء أي لازمة لك كلزوم الاسم مسماه. وقوله وذاتك جوهر البيت يريد بالصفات ما ذكره في البيت الثاني وهو الاعراض والاين والمتى إذ كل جسم لا ينفك منها فهذه الصفات فيه اجل منها في غيره اما الاعراض فانه عليه‌السلام لا يحزن كغيره على فوات اطماع الدنيا ولا يفرح بما اوتي منها ولا يحل به خوف عند منازلة الاقران ولا غير ذلك من اعراض الدنيا بل كل ما يعرض له فانه في ذات الله تعالى واما الاين فهو المكان فليس مكانه كمكان الغير لان مكان علي عليه‌السلام اما محراب صلاة أو معركة جهاد أو سعي في سبيل الله ، واما المتى وهو الزمان فلا نسبة بين زمانه وزمان الغير وكيف وزمانه لا ينقطع الا في سبيل الله مصليا أو صائما أو قائما أو داعيا أو مجاهدا لان ما يلزم في المكان من الطاعات يلزم مثله في الزمان ففضله على غيره في هذه الصفات ظاهر هذا إذا حملنا الكلام على الحقيقة واما ان حملنا معنى البيتين على المجاز والمبالغة فتاويله تأويل قول الله عزوجل على لسان الصادق المختار صلوات الله عليه ما ترددت في شيء انا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته والله تعالى لا يتردد ، وتاويله لو كنت ممن يتردد لترددت ، ونظير هذا كثير في كلام العرب نظما ونثرا ، واما قوله فيكبر عن تشبيهه بالعناصر فهذا واضح لانه مخلوق من نور.
40 ـ المشاعر جمع مشعر وهي مواضع المناسك والصفا من جملتها واما كونه يختار زيارة قبر علي عليه‌السلام على المشاعر فلان فضله بالذات وبالعرض وفضل المشاعر بالعرض لا بالذات فزيارته عليه‌السلام اتم واكمل من زيارتها.
41 ـ النسك العبادة والناسك العابد والنسك جمع نسيكة وهي الذبيحة واضاف النسك إلى العبادة لاختلاف لفظهما ولاريب ان محبة علي مجردة اتم وانفع عند الله من العبادة مجردة من محبته لان محبته تستلزم الثواب الدائم وعدمها يستلزم العقاب الدائم وان قرن به عمل صالح.
42 ـ الحسبة الاجر والجمع الحسب واسنى اشرف ولا ريب ان مدحه افضل من الصيام لان الصيام لازم والمدح عبادة متعدية والثاني افضل من الاول.
43 ـ الغوابة مصدر غوى الرجل يغوي غيا وغواية فهو غو إذا ضل.
45 ـ اقلعت : كفقت. واللاحون اللائمون. وقد تقدم التنبيه على معنى هذه الابيات والنصوص بهذا المضمون وافرة في الطرفين.
49 ـ فظع الامر يفظع فظاعة اي شديد مجاوز المقدار وكذلك افظع فهو مفظع والجرائر جمع جريرة وهي الجناية.
50 ـ ابن زياد عبيدالله بن مرجانة وابوه زياد دعي ابا سفيان الذي سمته عائشة زياد بن ابيه امه سمية امة عاهرة ذات علم تعرف به وطأها ابو سفيان وهو سكران فعلقت منه بزياد هذا ولدته على فراش زوجها عبيد فادعاه ابو سفيان سرا ، واما ابن هند فهو يزيد بن معاوية وهند هذه جدته لابيه بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبدمناف وعتبة هذا قتله امير المؤمنين عليه‌السلام وحمزة عمه رحمه‌الله يوم بدر ولهذا السبب مثلت هند بحمزة واكلت قطعة من كبده مضغتها وارادت بلعها فلم تقدر فلفظتها لان الله تعالى صان كبد حمزة ان يحل شيء منها في معدة تحترق بنار جهنم وكانت هند متهمة بمحبة السود وذكر انها ولدت ولدا اسود على شكل العبيد وانها لفته بخرقة ورمته في بعض الشوارع و عمل بذلک حسان بن ثابت شعراً:
لمن الصبیّ بجانب البطحاء في الارض ملقیّ غیر ذي مهد
نجلت به بیضاء آنسة من عبد شمس صلنة الخد
و امّا ابن سعد فانه عمربن سعد بن ابي وقاص وكان مطعونا في نسبه خبيثا في ولادته وسعد ابوه من الثلاثة الذين اختارهم عمربن الخطاب للشورى وعتبة بن أبي وقاص أخو سعد هو الذي كسر رباعية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم أحد وشج رأسه وشق شفته بحجر رماه به وهذا عمر بن سعد ولاه عبيدالله بن زياد اميرا على جيشه ليتولى قتال الحسين عليه‌السلام ففعل ، واما قوله وابناء الاماء العواهر فالعواهر الزواني جمع عاهرة والعواهر صفة الاماء والاماء جمع امة وهي المملوكة اصله اموه بالتحريك وتصغيرها امية.
51 ـ اليحموم، الاسود. الاديم وباطن الجلد وهو هنا استعارة والغطامط صوت غليان القدر وموج البحر يريد بسواده كثرة غباره وعجاجه والمراد بالغطامط كثرة الغبرة والاصوات اي بجيش هذه صفته والرفغ بالغين المعجمة شر البوادي ترابا والمعنى ان هذا الجيش لكثرته وشدة وطئه على الحصى يصيره رفغا اي ترابا خشنا.
52 ـ اللهام، الجيش الكثير. وفرع النجوم ما يصدر عنها من الضوء ، والمعنى ان هذا الجيش لكثرة ما يعلوه من العجاج لا يصل إليه ضوء النجوم ولا ينكشف عليه وجه الصباح فلا يعرف الليل والنهار.
53 ـ قوله فيا لك مقتولا فيه مغنى التعجب وقد مر مثله. وثلث هدمت. والعرش السقف واستعاره للمفاخر للارتفاع ويقال ثل عرشه اي وهى امره وذهب عزه.
54 ـ الحسرة أشد التلهف على الشيء الفائت والف حسرتا مبدلة من ياء التكلم ويجوز أن يكون الف الندبة يتأسف كيف لا يكون في أوائل القوم الذين كانوا يجاهدون بين يدي الحسين حيث ان فضلهم باق إلى يوم القيامة.
55 ـ أنصر منصوبة لانها جواب النفي في قوله إذا لم أكن يقول ان فات نصري لهم بالخطار وهو الرمح فما فات بالخاطر اي بالمدائح والمحبة وإقامة الدلائل على إمامتهم ووجوب ولايتهم والنصر قد يكون بالقول عند تعذر الفعل.
56 ـ الاطواد، الجبال والاخاشيب المخشبة العظيمة منها. وتمد تضطرب أصلها تميد اسكنت الدال للجزم والياء قيلها ساكنة فحذفت الياء لئلا يلتقي الساكنان وغورا أي غايرة وهو مصدر يوصف به فيقال ماء غوراء غاير ولهذا لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث. وغار الماء إذا نقص وجف وانتصف لانه خبر مقدم لاصبحت ومياه جمع كثرة الماء واصله موه بالتحريك لان جمعه في القلة امواه وتصغيره مويه. والكوافر جمع كافر وهو البحر والنهر الكبير أيضا.
57 ـ يقال كسفت الشمس وكسفها الله يتعدى ولا يتعدى مصدر الاول السكوف ومصدر الثاني الكسف. والشهب النجوم. وتقذف ترمي ، قوله باشأم طاير اشارة إلى ما كانت العرب تعتمده من زجر الطير والتشاؤم والتيمن به فكانوا يسمون ما ياتي عن إيمانهم من الطير والوحش سانحا فاهل نجد يتيمنون به نظرا إلى إيمانهم ويتشاءمون بما ياتي عن شمائلهم ويسمونه بارحا واهل الحجاز بالضد من ذلك يتيمنون بما يأتي عن شمائلهم لانه يوليهم ميامنه وكذا في اليمين فينظرون إلى يمين المار بهم وشماله ، والمعنى أنه يتعجب كيف لم تخر هذه الكواكب شؤما على الناس لهذا الحادث الثقيل.
58 ـ اما كان استفهام تعجب من هذه الاجرام الفلكية والارضية كيف لم يحدث فيها امارات الحزن ويظهر عليها آثار الجزع لهذه المصيبة الحادثة وفاطم يريد بها فاطمة وحذف الهاء تخفيفا والرواسي الجبال الثوابت.
59 ـ السجية الطبيعة واسند الغدر هنا إلى النفوس العاقلة لانه اراد العموم و إذا كان الغدر طبيعة في العقلاء فالجمادات اولى بذلك ونسبة الغدر إلى الجمادات مجاز وهو حقيقة في العقلاء ونسب الجميع إلى الغدر حيث لم يقع منهم ما ذكره من آثار الحزن.
62 ـ سبل جمع سبيل وهو الطريق يذكر ويؤنث والسبيل ايضا السبب. والوصلة واللاحب الواضح ، فاعلة بمعنى مفعول واضاف احدهما إلى الآخر تأكيدا ولاحب وظاهر صفتان لمحذوف اي عن دين واستعار للدين لفظ النهج المسلوك فيه على الاستقامة.
63 ـ البسيطة : الارض ومن المعلوم الحق ان الارض لو خلت من امام حجة الله تعالى لخربت البلاد ولم يصح تكليف العباد لان الدنيا خلقت لهم.
64 ـ منح اعطى الوامق المحب. وغض الجفن إذا أطبقه وهو كناية عن الاعراض والصدود.