قصیده وصف و مدح امام علی (ع)

قصیده وصف و مدح امام علی (ع)

1. يا رسمُ لا رسمتك ريح زَعزَع
وَسرَت بليل في عراصك خروعُ

2. لَم أُلفِ صدري من فؤادي بلقعا
إِلّا وأنتَ منَ الأحبَّةِ بلقَعُ

3. جارى الغمامُ مدامِعي بك فانثنت
جون السحائب فهي حسرى ظلَّعُ

4. لا يَمحكَ الهتنُ المُلِثُّ فقد محا
صَبري دثورك مذمحتكَ الأدمعُ

5. ما تمَّ يومُك وهو أسعد أيمن
حتى تبدَّل فهو أنكد أشنعُ

6. شروَى الزَّمان يُضيء صبخ مسفر
فيه فيشفعه ظلام أسفع

7. لله درّك والضلال يقودني
بيد الهوى فأنا الحرون فاتبعُ

8. يقتادني سكر الصبابة والصبا
ويصيح بي داعي الغرام فاسمعُ

9. دهراً تقوَّض راحلاً ما عيب من
عُقباهُ إِلّا أنّه لا يرجع

10. يا أَيّها الوادي أجلّك وادياً
وأَعزّ الّا في حماك فاخضعُ

11. وأسوف تربك صاغراً وأذلّ في
تلك الرُّبى وأنا الجليد فاخنعُ

12. (أسفي على مغناك إذ هو غابة
وعلى سبيلك وهي لحب مهيع)

13. أَيَّامُ أنجم قضعبٍ درّيّة
في غير أوجه مطلع لا تطلع

14. والبيض توردُ في الوريد فترتوي
والسُّمرُ تشرع في الوتين فتشرعُ

15. والسابقات اللاحقات كأنّها
العقبان تردى في الشكيم وتمزع

16. والربع أنور بالنسيم مضمّخٌ
والجوّ أزهر بالعبير مردَّعٌ

17. ذاكَ الزّمان هو الزَّمان كأنّما
قيظُ الخطوب به ربيع ممرعُ

18. وكأنّما هو روضةٌ ممطورةٌ
أو مُزنة في عارضٍ لا تقلعُ

19. قد قُلتُ للبرق الذي شقَّ الدُجى
فَكأنَّ زنجيّاً هناك يجدَّعُ

20. يا برق إِن جئتَ الغريَّ فقل له
أَتراك تعلم من بأرضك مودع

21. فيك ابن عمران الكليم وبعدهُ
عيسى يُقفِّيهِ وأحمد يتبع

22. بل فيك جبريلٌ وميكالٌ واسـ
رافيل والملأُ المقدَّس أجمع

23. بَل فيك نورُ الله جلَّ جلالُه
لذوي البصائر يستشفُّ ويَلمع

24. فيك الإمام المرتضى فيك الوصيّ
المجتبى فيك البطين الانزع

25. الضَّاربُ الهام المقنّع في الوَغى
بالخَوف للبهم الكماة يُقنِّع

26. والسَّمهَريَّة تستقيم وتنحني
فكأنّها بين الأضالع أضلع

27. والمترعُ الحوضِ المدَعدعِ حَيثُ لا
وادٍ يفيض ولا قليب يترع

28. ومُبَدِّدُ الأبطال حيث تألَّبوا
ومُفَرِّقُ الأحزاب حيث تجمَّع

29. والحبرُ يصدع بالمواعظ خاشعاً
حتى تكاد لها القلوب تصدَّع

30. حتى إذا استعر الوغى متلظِّياً
شرب الداء بغلَّةٍ لا تنقع

31. متجلبباً ثوباً من الدّم قانياً
يعلوه من نَقَع الملاحم برقع

32. زهدُ المسيح وفتكةُ الدَّهر الذي
أودى به كسرى وفوز تُبَّع

33. هذا ضميرُ العالم الموجُود عن
عدمٍ وسرّ وجوده المستودعُ

34. هذي الأمانةُ لا يقومُ بحملها
خلقاءُ هابطةٌ وأَطلس أرفَعُ

35. تأبى الجبالُ الشمُّ عن تَقليدها
وتَضجُّ تيهاءٌ وتَشفق برقعُ

36. هذا هو النور الذي عذباته
كانَت بجبهة آدمٍ تتطلَّع

37. وشهابُ موسى حيثُ أظلم ليله
رَفعت لهُ لألاؤه تتشعشعُ

38. يامن لهُ ردّت ذكاءُ ولم يَفز
بِنظيرها من قبل إِلّا يوشع

39. يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن
خوض الحمام مدجّج ومدرَّعُ

40. يا قالع الباب الذي عن هزّها
عجزت أكفٌّ أربعون وأربع

41. لولا حدُوثك قلتُ إنّك جاعل
الأرواح في الأشباح والمتنزّعُ

42. لو لا مماتك قلت إنّك باسطُ
الأرزاق تَقدِرُ في العطاء وتوسِّع

43. ما العالمُ العلويّ إلَّا تربةٌ
فيها لجثَّتِك الشريفة مضجعُ

44. ما الدهرُ إلَّا عَبدُكَ القِنُّ الذي
بنفوذ أمرك في البريَّةِ مولعُ

45. أنا في مديحك ألكنٌ لا أَهتدي
وأنا الخطيب الهبزريُّ المصقعُ

46. أأقول فيك سُمَيدَعٌ كلّا ولا
حاشا لمثلك أن يقال سمَيدع

47. بل أنتَ في يوم القيامة حاكمٌ
في العالمين وشافعٌ ومُشَفِّع

48. ولقد جَهِلتُ وكُنتُ أحذَق عالمٍ
أغرار عزمك أَم حسامك أقطعُ

49. وفَقَدتُ معرفتي فلستُ بعارفٍ
هل فَضلُ علمك أَم جَنابُك أوسَعُ

50. لي فيك معتقدٌ سأكشفُ سِرَّه
فَليَصغِ أَربابُ النُّهى وليسمعوا

51. هي نفثةُ المصدور يطفی بردَها
حرُّ الصبابة فاعذلوني أو دَعوا

52. والله لولا حيدرٌ ما كانتِ
الدنيا ولا جمع البريّة مجمعُ

53. من أجله خُلِقَ الزمان وضوِّئت
شهبٌ كنسنَ وجنّ ليلٌ أدرعُ

54. عِلمُ الغيوب إليه غير مدافع
والصّبحُ أبيض مسفرٌ لا يدفعُ

55. وإليه في يوم المعاد حسابنا
وهو الملاذ لنا غداً والمفزع

56. هذا اعتقادي قد كشفت غطاءه
سيضرُّ معتقداً له أو ينفعُ

57. يامن لهُ في أَرض قلبي منزلٌ
نعم المراد الرَّحب والمستَربعُ

58. أهواكَ حتى في حشاشة مُهجتي
نارٌ تَشبُّ على هواك وتلذع

59. وتكادُ نفسي أَن تذوبَ صبابةً
خُلقاً وطبعاً لا كمن يتطبّعُ

60. ورأيتُ دين الإعتزال وإِنّني
أهوى لأجلك كلّ من يَتَشَيَّعُ

61. وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّه لابُدّ مِن
مَهديِّكم ولِيَومِه أَتَوَقَّعُ

62. يحميه من جند الآله كتائبٌ
كاليمّ أَقبل زاخراً يَتدفَّع

63. فيها لآل أبي الحديد صورام
مشهورةٌ ورماحُ خَط شُرّع

64. ورجال موت مقدمونَ كأنّهم
أسدُ العرين الرّبد لا تتكعكع

65. تلك المنى امَّا أغب عنها فلي
نفسٌ تنازِعُني وشَوقٌ ينزع

66. ولقد بكيت لقتل آل محمّد
بالطفّ حتى كلّ عضو مدمع

67. عُقِرَت بنات الأعوجيّة هل دَرَت
ما يُستباح بها وماذا يصنع

68. وحريمُ آل مُحمّد بين العدى
نَهبٌ تقاسمهُ اللئام الرُّضَّع

69. تلك الضعائن كالإِماء متى تسق
يعنف بهنّ وبالسياط تقنَّع

70. من فوق أقطاب الجمال يشلُّها
لكع على حنق وعبدٌ أكوع

71. مثل السبايا بل أذلّ تشقّ من
هنّ الخمار ويستباح البرقع

72. فمصفَّدٌ في قيده لا يُفتدى
وكريمة تُسبى وقرطٌ يُنزَعُ

73. تالله لا أنسى الحسين وشلوه
تحت السنابك بالعَراء موزّع

74. مُتلفّعاً حُمرَ الثياب وفي غدٍ
بالخضر في فردوسه يَتَلَفَّعُ

75. تَطأ السنابك صدره وجَبينه
والأرض ترجف خيفةً وتضعضعُ

76. والشمس ناشِرة الذوائب ثاكل
والدهر مشقوق الرداء مقنَّع

77. لهفي على تلك الدِّماء تراقُ في
أيدي أُميّةَ عنوة وتضيَّع

78. بأبي أَبو العبَّاس أَحمد إِنَّه
خَيرُ الورى من أَن يُطلّ ويُمنَع

79. فهو الوليُّ لثارِها وهو الحمول
لعبئها إِذ كلّ عود يَضلع

80. الدّهر طوعٌ والشيبة غضةٌ
والسيفُ عضب والفؤاد مشيَّع

1 ـ الرسم الاثر ورسم الدار ما التصق من اثرها بالارض وارسم إذا كثر ودعا ورسمتك يريد درستك. والزعزع الريح الشديدة. والبليل الريح الباردة الندية. والخروع الضعيفة قاله. الجوهري كل نبت ضعيف ينثني فهو خروع اي نبت كان.
2 ـ البلقع الخالي يقول ما وجدت صدري خاليا من قلبي الا بما خلوته ممن احبه فكأن الاحباب للدار كالقلب للجسد.
3 ـ جاراه إذا جرى معه والجون جمع جون وهو الاسود المقصود هنا والجون ايضا الابيض وهو من الاضداد. وحسرى منقطعة جمع حسير مثل قتيل وقتلى. وظلع جمع ظالع وهو الغامز في مشيه ، والمعنى ان السحاب جرى مع مدامعي كالمسابق لها فرجع السحاب الشديد الماطر كالجمل المنقطع الاعرج وهذا استعارة للمبالغة في كثرة البكاء.
4 ـ الهتن الجاري والملث الدائم دعاء للرسم بأن لا يمحو الغيث مجرى الدموع عليه فقد محاه وهو كاف له والمربع كلما درس صبره ايضا فإذا دثوره يوجب قلة الصبر وقلة الصبر توجب البكاء والبكاء يوجب دثور وهي اطراف تتجاذب إلى دروس الربع ويمحك مجزوم بلاء النهي واصلة يمحوك فسقطت الواو للجزم.
5 ـ الاسعد الايمن المبارك ، يقال سعد يومنا بفتح العين يسعد سعودا وسعد الرجل بالكسر فهو سعيد وسعد بالضم فهو مسعود. والانكد المشوم. والاشنع القبيح.
6 ـ الشروى المثل ويشفعه يتبعه وهو من الشفع والمسفر المضئ والاسفع الاسود لما ذكر في البيت الاول تبدل الربع بالسعود نحوسا مثله في هذا البيت بكونه لا يدوم له حال يكون فيه نهار مضئ فينقلب إلى ليل مظلم كما ان الربع كان عامرا فصار خرابا.
7 ـ لله درك تعجب من حبه والحرون الصعب الذي لا ينقاد يقول انا لذاتي صعب لا انقاه لكن لهذه العوارض التي حكمت على عقلي وهي ما ذكر من سكر الصبابة وجهل الصبا وجذب دواعي الغرام والغرام في الاصل الهلاك وبه سمي المحب مغرما.
9 ـ تقوض استعارة من تقوضت الصفوف إذا تفرقت.
10 و 11 ـ اسوف اشم. واخنع واخضع واحد بمعنى اذل يقول افعل ذلك مع قوتي لان الواجد يقهر ويغلب ومعنى البيتين متقارب.
12 ـ المغنى المنزل. والغابة الاجمة وهي محل السباع. والسبيل الطريق واللحب الواضح. والمهبع الواسع استعار لفظ الغابة للنزل لا حتوائه على الرجال الذين هم فيه كالاسود وكون طريقه لحبا لكثرة وطئه وسلوكه لكثرة الناس فيه.
13 ـ انجم قضعب هي الاسنة وقعضب رجل كان يعملها ودرية منسوبة إلى الدر شبه الاسنة لمعناها وبريقها كالنجوم الدرية ، قال الجوهري طلعت الشمس والنجوم طلوعا ومطلعا بكسر اللام وفتحها والمطلع أيضا بالكسر والفتح مكان الطلوع والهاء في اوجه تعود إلى المعنى واستعار لفظ الانجم للاسنة ورشح بذكر الاوج وهو محل ارتفاع النجم وصعوده وجعل المغنى كالاوج والاسنة كالنجوم فيه.
14 ـ البيض السيوف. وتورد جعل الوريد احد الوريدين وهما عرقان في جانب مقدم العنق والسمر الرماح. وتشرع تدخل وهو مثل تورد. والوتين عرق القلب إذا قطع مات صاحبه وتشرع تدخل فيه وتشرب منها شرعها الغير فشرعت اوردها فوردت.
15 ـ السابقات اللاحقات الخيل تسبق غيرها وتلحق من سبقها وشبهها بالعقبان لسرعتها وعدتها ، قال ابن السكيت ردى الفرس يردي رديا ورديانا إذا رجم الارض رجما بين العدو والمشي الشديد الشكيم ، والشكيمة الحديدة المعترضة التي في فم الفرس التي فيها الفارس والجمع شكايم وتمزع اي تسرع.
16 ـ الربع المنزل. والانور النير وليس فيه افعل للتفضيل والمضمخ الملطخ وهو استعارة لمرور النسيم عليه والجو ما بين السماء والارض. والازهر كالانور والعبير عدة أطياب يجمع بالرعفران وقيل هو الزعفران يصف المنزل والجو بأنهما معطران طيبان وذلك السرور الذي عنده والمرح الذي يجده.
17 ـ الممرع المخصب يريد أن ذاك الزمان كله طيب لا كدر فيه ولا صعب فيه سهل واستعارة القيظ للخطوب وجعله كالربيع استعارة جميلة.
18 ـ شبه الزمان بالروضة لحسنها وابتهاج الانفس بها وخض الممطورة لانها انضر واحسن وشبه ايضا المزنة وهي السحابة جعلها كالقطعة في عارض وهو السحاب المعترض في الجو لا يقلع ولا يزول ، ووجه الشبه ان السحاب بنفسه يخضب الارض ويرطب الاجسام ويسر الانفس وفيه منافع كثيرة.
19 ـ شبه حمرة لمع البرق في سواد الليل بالزنجي المجدع.
20 ـ الغري أرض النجف على مشرفها السلام. والمسموع الغريان لكنه كنى عن التثنية بالوحدة وقد لهج الناس بالغري مفردا وذلك طلبا للخفة ووجه تسميته الغري مشهورة وقد كتبناه في تضاعيف هذا الكتاب.
21 و 22 ـ يقفيه يتبعه. والملا المقدس اشارة إلى باقي الملائكة اما كون النبيين والملائكة في قبره فلانه حوى ما حووه من الفضل فكأنه كلهم فيه وذكر موسى وعيسى وهما من اولي العزم ليحصل الاتصال بنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وان كان افضل الخلايق فان عليا نفسه بنص القرآن المجيد والاخبار وانما بدء بالنبيين وثنى بالملائكة لان الملائكة على رأي المعتزلة افضل من النبيين فكأنه ارتقى عن درجة النبيين إلى الملائكة ثم ارتقى إلى الدرجة العليا وهو نور الله الذي لا يطفأ.
23 ـ استعار له عليه‌السلام النور اقتداء به ولا زالته ظلم الشكوك والشبه واضافة نور إلى الله لكونه حجة على الناس وخص ذوي البصائر وهي المعارف لكون النور معقولا لا محسوسا وقوله يستشف فيلمع أي ينظر فيضئ واصل الاستشفاف النظر من وراء ستر رقيق.
24 ـ المرتضى والمجتبى من القابه. والبطين في الاصل العظيم البطن والانزع الذي انحسر الشعر عن مقدم رأسه ولا يمدح في ذلك بل بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انك منزوع من الشرك بطين من العلوم.
25 ـ الهام جمع هامة وهي اعلى الرأس والمقنع الذي عليه البيض. والوغى الحرب والبهم جمع بهمة وهو الفارس الشديد الذي لا يدري من اين يؤتى لشدة بأسه ، ويقنع استعارة لاشتمال الخوف عليهم كاشتمال القناع على الرأس ويجوز ان يكون استعارة من قنع رأسه بالسوط إذا ضربه.
26 ـ السمهرية الرماح سميت بذلك لصلابتها من قولهم اسمهر العود إذا صلب وقيل هي منسوبة إلى سمهر وهو رجل كان يقوم الرماح وقوله بين الاضالع اضلع جعلها انها قد خرقت حتى صارت ثابتة كاحد الاضلاع لكن لا يتوجه التشبيه في حال الاستقامة والانحناء لان الاضلاع تتغير ويجوز أن يكون أراد بالاضلاع أضالع الطاعن لا المطعون لان القناة تكون تحت حضن الفارس ملاصقة للاضلاع فحينئذ تستقيم مرة وتنحني اخرى. والاضالع جمع أضلع.
27 ـ المترع المالي. المدعدع الملآن. والقليب البئر قبل ان يطوى يذكر ويؤنث ويريد بذلك ما روي عن علي عليه‌السلام لما كان متوجها إلى صفين لحق اصحابه عطش وليس معهم ماء ولا في نواحي ذلك المكان فأمر عليه‌السلام بأصحابه أن يكشفوا مكانا كان هناك فكشفوا فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع فقال الماء تحت هذه الصخرة فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء فاجتهدوا في قلعها اجتهادا عظيما فلم يقدروا لها فنزل عن سرجه ووضع اصابعه تحت جانب الصخرة فقلعها ورمى بها اذرعا كثيرة فظهر فشرب القوم وكان أعذب ماء وخلصوا من الهلاك وتزودوا وارتووا منه ثم اعاد عليه‌السلام الصخرة إلى موضعها وأمر أن يعفى أثرها بالتراب فنزل راهب كان في حوالي هذا المكان وأسلم على يده عليه‌السلام.
28 ـ تألبوا مثل تجمعوا. والاحزاب هم الذين تحزبوا لقتال رسول الله في وقعة الخندق واجتمعت قريش واجتمع معهم خلق كثير ، وبرز عمرو بن عبدود ويدعو إلى البراز فلم يتجاسر عليه أحد من المسلمين حتى برز علي عليه‌السلام فقتله وكسر الاحزاب وفرق جمعهم.
29 ـ الحبر العالم وصدع بالحق إذا كشفه ونطق به ظاهرا وتصدع اصله تتصدع اي تتفرق فحذف إحدى التائين تخفيفا.
30 ـ استعر التهب. متلظيا متلهبا أيضا وهما لفظان مترادفان للتأكيد والغلة العطش وتنقع تروى ولما كان عليه‌السلام كثير السفك والقتل حتى أنه لا يمل ولا ينام استعار له لفظ الشارب العطشان الذي لا يرتوي.
31 ـ تجلبب إذا لبس الجلباب وهو الملحفة جعل عليه‌السلام لكثرة تلطخة بدماء القتلى كأنه قد لبس ثوبا أحمر وجعل الغبار على وجهه الشريف كالبرقع والملاحم الوقائع.
32 ـ المسيح عيسى بن مريم عليه‌السلام جعله زهد المسيح وفنك الدهر لان الدهر لما كان ظرفا لما يقع فيه نسب الفعل إليه مجازا ، واودى هلك به وكذا فوز كسرى وتبع قد ذكر ، والمعنى انه ازهد الناس واخضعهم واخشعهم لله ومن عادة الزاهد رقة القلب وهو مع ذلك يختطف الارواح ويسفك الدماء ومن عادة الشجاع الفاتك قساوة القلب وخشونة الجانب وهو قد جمع بين هذين الضدين.
33 ـ ضمير العالم وسره بمعنى واحد والعالم كل موجود سوى الله وآل محمد سر العالم المستودع عند اولي العلم إذا لولاهم لما أوجد الله العالم فسر الوجود هو ما علمه الله تعالى من المصالح في إيجاد هذا العالم بسبب محمد وآل محمد حيث كانوا الطافا لا يصح التكليف الا بهم ولا يقوم غيرهم مقامهم.
34 و 35 ـ الخلقاء الصخرة الملساء والاطلس الفلك التاسع والتيهاء الفلاة يتاه فيها وبرقع اسم من اسماء السماء ويريد بذلك قوله تعالى انا عرضنا الامانة ويريد بالامانة علي ومحبته وإطاعته لانه التكليف على العباد.
36 ـ عذباته اطرافه ، لان عذبة اللسان والصوت طرفاهما ويريد بالنور نور النبوة المنتقل من آدم إلى نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وانه ابن عمه وقسيمه في الشرف وهذا النور قد تقدم ذكره.
37 ـ لالاؤه انواره ، واطلق على علي عليه‌السلام الشهاب وهو الشعلة من النار إطلاقا لاسم المسبب على السبب حيث انه عليه‌السلام سبب في تفضيل موسى عليه‌السلاموظهور النار له من جانب الطور.
38 ـ ذكاء من اسماء الشمس غير منصرف ويقال للصبح ابن ذكاء لانه من ضوئها وقد مضى ذكر رجوعها له عليه‌السلام واما يوشع بن نون فانه بعثه الله نبيا بعد موسى وأمره بالمسير إلى قوم جبارين فسار إليهم وقاتلهم يوم الجمعة حتى امسوا فدعا إلى الله تعالى فرد الشمس وزيد في النهار يومئذ نصف ساعة وهزم الجبارين ومات وعمره يومئذ مائة وعشرون سنة والضمير في نظيرها يعود إلى الفضيلة التي دل عليها المعنى.
39 ـ المدجج : التام السلاح. والدجة الظلمة فكأن المدجج يغطي بسلاحه والمدرع لابس الدرع.
40 ـ انث الباب مع كونه مذكرا ولا ضرورة له يحتمل دفعه على تأنيثه فاستعمله أو انه غفل عن ذلك والباب يريد به حصن اليهود بخيبر.
41 ـ الاشباح الاجسام جمع شبح يقول لولا حدوثك لقلت انك المحيي والمميت الا ان المحدث يفتقر إلى محدث مغاير له فكيف بكون موجدا لغيره.
42 ـ تقدر تضيق نفى المكون بكونه رازقا بثبوت موته لان الموت يستلزم انقطاع الرزق عن الغير.
43 ـ جعل تربته ومحل جسده الشريف العالم العلوي وهو في ذلك بار صادق لان قبره عليه‌السلام معراج الملائكة ومحل اختلاف الارواح والعالم العلوي عبارة عن ذلك.
44 ـ القن هو الذي يملك هو وابوه يستوي فيه الواحد والجمع والاثنان والمؤنث والمذكر وربما قيل اقنان استعار للدهر لفظ العبيد لحكمه عليه وانقياد الدهر له بأمر الله كانقياد العبد لمولاه.
45 ـ الالكن الواقف اللسان. والخطيب الفصيح الذي يقول الخطب وهي الكلام المسجوع في الاغلب والهبزري الاسوار من اساورة الفرس ، قال ابو عبيدة هم الفرسان والهاء بدل من الياء كان اصله اساوير وكذلك الزنادقة اصله زناديق وقال تغلب كل جسم حسن الوجه وسيم فهو عند العرب هبزري ، والمعنى ان الانسان وان كان فصيحا بليغا إذا رأى صفاتا باهرة فائقة فان لسانه يكل عنها وفكره ينقطع دونها.
46 ـ الاستفهام في اقول لاستصغار هذه الكلمة. والسميدع السيد السهل الاخلاق وكلا هنا ردع وزجر ولها ثلاثة معان أخر تكون للاستفتاح بمعنى الا كقوله تعالى : « كلا لا تطعه » وتكون بمعنى حقا كقوله تعالى « كلا ان الانسان ليطغى » وتكون بمعنى أي التي للاثبات بعد الاستفهام وذلك إذا وقع بعدها القسم كقوله تعالى « كلا والقمر » معناه أي والقمر لان أي يلزم بعدها القسم.
47 ـ اضرب عن الصفة بالسميدع واثبت ما هو اعلى واجل وهو كونه حاكما في العالمين يوم القيامة وذلك لانه قسيم الجنة والنار وصاحب الحوض والشفاعة باذن الله تعالى.
48 ـ الغرار الحد واستعار لعزم الامير لكونه ماضيا قاطعا في الامور ولما رأى أن عزمه وسيفه يتجاذبان حدة ومضاء حصل له الجهل بالاقطع منهما.
49 ـ الجناب الفناء وما قرب من محلة القوم وجمعه اجنبة وهو كناية عن الكرم لان سعة المنزل تدل على كثرة الوافدين فعل تكون مقابلة الفضل بالكرم.
51 ـ المصدور الذي بصدره مرض. والنفثة ما ينفثه من ذلك المرض وفي المثل لابد للمصدور ان ينفثه شبه كشف سره باعتقاده بنفثة المصدور لانه يستريح بكشفه كما يستريح المصدور بنفثه ولهذا قال يطفي بردها حر الصبابة ، وقوله فاعذلوني أو دعوا معناه : ان العذل لا يؤثر فيه فوجوده وعدمه سيان.
52 ـ حيدر من اسمائه عليه‌السلام والحيدرة الاسد والمعنى واضح.
53 ـ كنسن أي استترن في مغيبها وجن الليل يجن جنونا اظلم وستر. والادرع الذي اسود اوله وابيض باقيه والشاة الدرعاء التي اسود رأسها وابيض باقيها.
54 ـ علم الغيوب مبتدأ واليه الخبر وغير مدافع نصب على الحال ويجوز ان يكون غير خبرا بعد خبر اما اخباره عليه‌السلام بالمغيبات بواسطة التعليم فكما قال المادح كالصبح لا يدفع نوره بل يخرق الحجب حتى أن رجلا من أصحابه قال له وهو يخبر بشئ من ذلك لقد اعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب وهو أكثر من أن يحصى كمالا يخفى على اولي التتبع والنهى.
55 ـ والملاذ والملجأ والمفزع واحد واما قوله إليه حسابنا فهو موافق لمضمون الاخبار بأنه موكول إليهم.
56 ـ يقول قد أظهرت عقيدتي التي رضيتها لنفسي سواء كانت نافعة أو ضارة فإذا كان الضرر منتفيا فقد ثبت النفع وهذا إنما قال كالقاطع حجة الخصم بمنزلة قوله تعالى « وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم » الآية.
57 ـ المراد : الموضع الذي ترتع فيه الابل يجيء ويقبل ويدبر والمستربع الذي قد جعل ربعا أي منزلا. والرحب الواسع جعل محبة علي تتردد في قلبه كما تتردد السائمة في مربع.
58 ـ الحشاشة بقية النفس وهي ها هنا حرف ابتداء ونار هو المبتداء وهي نكرة موصوفة خبرها متقدم عليها في الجار والمجرور. وتشب ترفع.
59 ـ ادخل على خبر كاد تشبيها لها بعسى كما تشبهت عسى بكاد في إسقاط ان من خبرها وذلك شاذ. والمتطبع الذي بتكلف شيئا ليس هو متصلا في طبعه.
60 ـ هذا الرأي الذي ادعاه يناقض ما قدمه في نظمه من الطعن على ... ونسبتهما إلى الكبائر التي توجب الخلود في النار فان المتعزلة وان كانوا قائلين بتفضيله على سائر الصحابة فانهم يجوزون تقديم المفضول على الفاضل ولا يرخصون في الشيخين بسوء ويقولون بامامتهما وهو صرح بهذا المذهب في شرح نهج البلاغة وأنكر النص على علي عليه‌السلام وزعم أن من أنصف عرف صحة قوله ولم يكن مضطرا إلى هذا القول فينسب إلى التقية ونقل عن الشيخ الصدوق علي بن محمد البرقي رواه ان رأي ابن ابي الحديد كان رأي الحكماء والله أعلم بباطن امره وحشره الله مع من أحبه.
61 ـ والاحاديث من طرفهم كثيرة على وجوده وظهوره عليه‌السلام ولا يحتمل هذا المختصر بها.
62 ـ اليم البحر. والزاخر المرتفع شبه الكتائب وهي الجيوش بالبحر الزاخر لكثرتها وقوله من جند الاله يحتمل الملائكة والناس.
63 ـ الخط موضع باليمامة تنسب إليه الرماح والشرع المصوبة للطعن بها.
64 ـ العرين والعرينة : مأوى الاسد ، وهو مجتمع الشجر ، والربد جمع اربد. وتكعكع تجبن.
65 ـ اما ان الشرطية وما الزائدة. واغب مجزوم بان واصلة اغبب ذهبت حركة الباء للجزم فسقطت الباء وتنازعني تجاذبني وتنزع تجذب يقال نزع ينزع نزعا إذا اشتاق.
66 ـ المدمع مجرى الدمع يريد المبالغة في كثرة البكاء حتى كأن جميع أعضائه تجري بالدمع.
67 ـ بنات الاعوجية الخيل منسوبة إلى أعوج وهو فحل كريم قيل لم يكن للعرب أشهر ولا أكثر نسلا منه دعا عليها بالعقر حيث قاتلوا الحسينعليه‌السلام وهم على ظهورها ، والاستفهام في قوله هل درت استفهام تعظيم لهذا الشأن.
68 ـ اللئام جمع لئيم وهو البخيل الدني الاصل. والرضع جمع راضع وهم اللئام أيضا واصله ان رجلا كان يرتضع الناقة والشاة أي يحلبها بفمه حتى لا يسمعه أحد فهو يحلب فيطلب منه واصل تقاسمه تتقاسمه.
69 ـ الضعائن جمع الضعينة وهي المرأة في الهودج ويقال قنعته بالسوط إذا ضربته على رأسه. والعنف ضد الرفق ومتى هنا شرطية وتسق مجزوم بها وأصله تساق فحذفت الالف لسكونها وسكون القاف ويعنف مجزوم لانه جواب متى الشرطية واما تقنع فانه خبر مبتدأ محذوف موضعه النصب على الحال تقديره وهي تقنع وبالسياط يتعلق بتقنع.
70 ـ يشلها يطردها واللكع اللئيم وقيل الذليل الحقير النفس وامرأة لكاع ويقال في النداء يالكع واستعماله في النداء شاذ ولا ينصرف معرفة لانه معدول عن ألكع والاكوع المعوج الكوع وهو طرف الزند مما يلي الابهام وذلك عيب جعلهم عبيدا معتقين.
71 ـ السبايا المأسورات والبرقع معروف ويقال بضم الباء والقاف وبضم الباء وفتح القاف ويقال برقع أيضا.
72 ـ المصفد المشدود الموثق ذكر تفصيل حال آل الرسول عليهم‌السلام وان منهم مشدودا بالقيد لا ينفك وكريمة من بني الزهراء مأسورة واخرى مسلوبة.
73 ـ الشلوا الجسد والسنابك الحوافر. والعراء بالمد الفضاء المكشوف وبالقصر فناء الدار وساحتها. وموزع مقسم.
74 ـ متلفعا مشتملا والفردوس هو حديقة في الجنة وقيل انه البستان عربي قال بعض : انه البستان بلغة الروم والضمير فيه يعود إلى الحسين عليه‌السلامواضافته إليه بحق الاولية والملائكة والمعنى فيه لابي تمام في قوله :
تردى ثياب الموت حمرا فما أتى
لها الليل إلا وهي من سندس خضر
75 ـ رحفت الارض ترجف رجفا تزلزلت والرجاف البحر لاضطرابه وتضعضع اصله تتضعضع أي تتهدم وتنحط.
76 ـ جعل الشمس كالمرأة الحزينة التي قد نشرت شعرها والدهر قد شق رداءه تشبيها بفعل الناس في المصاب العظام واما جعل الدهر مقنعا فيحتمل ان يكون اسم فاعل بكسر النون يريد ان الذكر ذليل مطرق متحير واصل ذلك من قنع الطاير إذا رد رقبته إلى رأسه ، ومنه قوله تعالى « مهطعين مقنعي رؤوسهم » ويحتمل ان يكون مقنع اسم مفعول بفتح النون ، والمعنى ان الدهر شق رداءه تقنع به كما جرت عادة الثاكلين وذلك استعارة.
77 ـ يقال لهف على الشيء لهفا إذا حزن وتحسر وتراق وتسال وعنوة قهرا ولهفي مبتدأ والجار والمجرور بعده في موضع الخبر وتراق حال من الدماء.
78 و 79 ـ طل الدم إذا هدر ولم يطالب به والعبء الثقل. والعود الجمل المسن. ويضلع يعرج يقول ان ابا العباس هو المتولي لثار هذا الدماء والحامل لاثقالها إذ كل قوي من الناس يضعف عن ذلك وكنى بالعود عن القوي وبالضلع عن العجز والضعف ويحتمل ان يكون الولي هنا بمنزلة الاولى.
80 ـ ذكر اسباب القدرة من الشبيبة لانها مظنة قوة العزم وثوران الحمية ومن كون السيف قاطعا لان به يدرك الثار ومن كون الفؤاد مشيعا والمشيع الشجاع كأن الشجاعة تشيعه أي تصحبه.